(٢) قال «المقري» في «قواعده» : لا يجوز التعصب إلى المذاهب بالانتصاب للانتصار بوضع الحجاج، وتقريبها على الطرق الجدلية مع اعتقاد الخطأ، أو المرجوحية عند المجيب، كما يفعله أهل الخلاف، إلا على وجه التدريب على نصب الأدلة، والتعليم لسلوك الطريق بعد بيان ما هو الحق، فالحق أعلى من أن يعلى، وأغلب من أن يغلب. وقال أيضا: ولا يجوز رد الأحاديث إلى المذاهب على وجه ينقص من بهجتها، ويذهب بالثقة بظاهرها فإن ذلك إفساد لها، وغض من منزلتها، لا أصلح الله المذاهب بفسادها، ولا رفعها بخفض درجاتها، فكل كلام يؤخذ منه ويرد إلا ما صح لنا عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بل لا يجوز الرد مطلقا لأن الواجب أن ترد المذاهب إليها كما قال «الإمام الشافعي» ، لا أن ترد هي إلى المذاهب ولله درّ علي- رضي الله عنه- أي بحر علم ضم جنباه! - إذ قال لكميل بن زياد لما قال له: أترانا نعتقد أنك على الحق، وأن طلحة، والزبير على الباطل؟!: اعرف الرجل بالحق، ولا تعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله. وما أحسن قول أرسطو لما خالف أستاذه أفلاطون: تخاصم الحقّ وأفلاطون، وكلاهما صديق لي، والحق أصدق منه. انظر «القواعد» (٢/ ٣٩٧) وما بعدها بتصرف، وينظر: «القواعد الصغرى» بتحقيقنا ص ١٠٩. (٣) أخرجه الترمذيّ (٤/ ٣٧٥) كتاب البر والصلة: باب ما جاء في العي، حديث (٢٠٢٧) ، وأحمد (٥/ ٢٦٩) ، والحاكم (١/ ٩) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦/ ٤١٠- بتحقيقنا) كلهم من طريق محمد بن مطرف أبي غسان عن حسان بن عطية عن أبي أمامة مرفوعا. وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث أبي غسان محمد بن مطرف. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. (٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٧٢٠) كتاب الأدب: باب ما جاء في المتشدق في الكلام، حديث (٥٠٠٥) ، والترمذيّ (٥/ ١٤١) كتاب الأدب: باب ما جاء في الفصاحة والبيان، حديث (٢٨٥٣) ، وأحمد (٢/ ١٦٥، ١٨٧) من طريق نافع بن عمر الجمحي عن بشر بن عاصم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.