للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ الجمهور: وَما آتَيْتُمْ بمعنى: أعطيتم، وقرأ ابن كثير «١» بغير مد، بمعنى:

وما فعلتم، وأجمعوا على المد في قوله وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ والربا: الزيادة.

قال ابن عباس «٢» وغيره: هذه الآية نزلتُ في هباتِ الثَّوابِ.

قال ع «٣» : وما جَرَى مَجْرَاها مما يصنعه الإنسان ليجازى عليه كالسِّلمِ وغيرِه، فهو وإن كانَ لاَ إثْمَ فيه فَلا أجْرَ فيه ولاَ زيادة عند الله تعالى، وما أعْطَى الإنسانُ تَنْمِيَةً لِمالهِ وتطهيراً يريدُ بذلك وَجْهَ اللَّه تعالى فذلك هُو الذي يُجَازَى به أضعَافاً مضَاعَفَةً على ما شاء الله له. وقرأ جمهور السبعةِ «ليربوا» بإسناد الفِعل إلى الربا، وقرأ «٤» نافعٌ وحدَه «لِتُرْبُوا» وباقي الآية بيِّن. ثم ذكر تعالى- على جهة العبرة- ما ظهرَ من الفسَادِ بسبب المعَاصي، قال مجاهد: البَرُّ البلاد البعيدة من البحر، والبحرُ السواحلُ والمدنُ التي على ضِفَّة البحرِ «٥» ، وظهورُ الفساد فيهما: هو بارتفاعِ البركاتِ، ووقوعِ الرزايا، وحدوثِ الفتنِ.

وتغلب العدوِّ، وهذه الثلاثةُ توجَد في البر والبحر، قال ابن عباس: الفسادُ في البحر:

انقطاع صَيْدِه بذَنَوب بني آدم «٦» ، وقلما توجد أمة فاضلةٌ مُطِيعَةٌ مُسْتَقِيمَةُ الأعمال إلا يدفعُ الله عنها هذه الأمور، والأمرُ بالعكس في المعاصي، وبطر النعمة ليذيقهم عاقبة بعض ما عملوا ويعفوا عن كثير. ولَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، أي: يتوبون ويراجعونَ بصائَرهم فِي طاعةِ ربهِم ثم حذَّر- تعالى- من يومِ القيامةِ تحذيراً يَعُمُّ العالمَ وإياهُمُ المقصد بقوله فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ الآية وَلاَ مَرَدَّ لَهُ: معناه:

لَيْسَ فِيه رُجُوعٌ لِعَمَلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُريد/ لاَ يَردُّهُ رَادٌّ. وهذا ظاهر بحسب اللفظ ٦٧ أويَصَّدَّعُونَ: معناه: يَتَفَرَّقُونَ بعد جمعهم إلى الجنةِ وإلى النار. ثم ذكر تعالى من آياته أشياءَ وهي ما في الرِّيحِ من المنافِع وذلك أنها بشرى بالمطر ويُلَقَّحُ بها الشجر، وغير ذلك،


(١) ينظر: «السبعة» (٥٠٧) ، و «الحجة» (٥/ ٤٤٦) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ١٩٦) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٢٦٤) ، و «العنوان» (١٥١) ، و «حجة القراءات» (٥٥٨) ، و «إتحاف» (٢/ ٣٥٧) . [.....]
(٢) ذكره ابن عطية (٤/ ٣٣٩) .
(٣) ينظر: «المحرر» (٤/ ٣٣٩) .
(٤) فالتاء هاهنا للمخاطبين، والواو واو الجمع. وحجته أنها كتبت في المصاحف بألف بعد واو. وحجة الباقين قوله بعده: فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ.
ينظر: «حجة القراءات» (٥٥٩) ، و «السبعة» (٥٠٧) ، و «الحجة» (٥/ ٤٤٧) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ١٩٦) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٢٦٥) ، و «شرح الطيبة» (٥/ ١٣٢) ، و «العنوان» (١٥١) ، و «شرح شعلة» (٥٤٠) ، و «إتحاف» (٢/ ٣٥٧) .
(٥) أخرجه الطبريّ (١٠/ ١٩٠- ١٩١) رقم (٢٧٩٩٧) بنحوه، وذكره ابن عطية (٤/ ٣٤٠) .
(٦) ذكره ابن عطية (٤/ ٣٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>