للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ. ٦٨ أقال سفيان بن عُيَيْنَةَ: من صلى الصلواتِ الخمسَ فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في إدبار الصلوات فقد شكرهما.

وقوله سبحانه: وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ... الآية رُوِي أنَّ هاتين الآيتين نزلتا في شأن سَعْدِ بن أبي وقاص وأمه حَمْنَة بنْتِ أبي سفيانَ، على ما تقدم بيانُه، وجملةُ هذا البابِ أن طاعةَ الأبوين لا تُراعى في ركوب كبيرةٍ، ولا في ترك فريضةٍ على الأعيان، وتلزم طاعتُهما في المباحاتِ وتستحسن في ترك الطاعات الندب.

وقوله سبحانه: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ وصيةٌ لجميع العالم. وهذه سبيل الأنبياء والصالحين.

وقوله تعالى- حاكياً عن لقمان يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ ... الآية: ذكرَ كثيرٌ من المفسرين: إنه أراد مثقال حبة من أعمال المعاصي والطاعات، وبهذا المعنى يتحصل في الموعظة ترجيةٌ وتَخْويفٌ منضاف إلى تَبْيِينِ قدرة الله تعالى.

وقوله: وَاصْبِرْ عَلى مَآ أَصابَكَ يَقْتَضِي حضاً على تغيير المنكر وإن نال ضرراً، فهو إشعارٌ بأن المغيِّر يؤذي أحياناً.

وقوله: إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ يحتمل أن يُرِيْدَ مما عزمه اللهُ وأمَرَ بهِ، قاله ابن جريج «١» : ويحتمل أن يريدَ أنَّ ذلك من مكارم الأخلاق، وعزائم أهل الحزم السالكينَ طريقَ النجاةِ قاله جماعة. والصَّعَرُ: الميل، فمعنى الآية: ولا تُمِلْ خَدَّك للناس كِبْراً عليهم وإعجاباً واحتقاراً لهم قاله ابن عباس «٢» وجماعة. وعبارة البخاري: ولا تصاعر، أي: لا تعرض، والتَّصَاعُر: الإعْرَاضُ بالوجه انتهى. والمَرَحُ: النَّشَاط، والمشي مَرَحَا:

هو في غير شُغْل، ولغير حاجة، وأهل هذه الخُلُقِ ملازمون للفخر والخُيَلاَءِ، فالمَرِحُ مختالُ في مَشيه، وقد ورد من صحيح الأحاديث في جميع ذلك وعيدٌ شديدٌ يطول بنا سرده.


(١) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٢١٤) رقم (٢٨١٠٨) بنحوه، وذكره ابن عطية (٤/ ٣٥١) ، والسيوطي (٥/ ٣٢٠) بنحوه، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج. [.....]
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٢١٤- ٢١٥) رقم (٢٨١٠٩) ، (٢٨١١٠) بنحوه، وذكره البغوي (٣/ ٤٩٢) ، وابن عطية (٤/ ٣٥١) ، والسيوطي (٥/ ٣٢٠) بنحوه، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>