للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتبرّج إظهار الزينة والتصنّع بها، ومنه البروج لظهُورها وانكشافِها للعيون، واخْتَلَفَ الناسُ في الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى فقالَ الشعبي: ما بين عيسى ومحمد- عليهما السلام- «١» ، وقيل: غيرُ هذا.

قال ع «٢» : والذي يظهر عندي أنه أشار إلى الجاهلية التي لحقنها فَأَمِرْنَ بالنَّقْلَةِ عن سِيرَتِهنَّ فِيها، وهي ما كانَ قَبْل الشَّرْعِ مِن سِيرةِ الكَفَرَةِ، وجَعْلِها أولى بالإضافة إلى حالةِ الإسْلام، وليس المعنى. أن ثمّ جاهلية آخرة، والرِّجْسَ اسم يقعُ على الإثم وعلى العذابِ وعلى النَجَاسَات والنقائِص، فأذْهَبَ الله جميعَ ذلك عن أهْل البَيْتِ، قالت أم سلمةَ: نزلت هذه الآية في بيتي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليّا وفاطِمَةَ وحَسَنَا وحُسَيْنا فَدَخَلَ مَعَهم تَحْت كساءِ خيبري، وقال: «هؤلاءِ أهل بيتي، وقرأ الآية، وقَال اللَّهمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: أَنْتِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلّم وَأَنْتِ إلى خَيْرَ» «٣» . والجمهورُ على هذا، وقال ابن عباس «٤» وغيره: أهل البيتِ:

أزواجه خاصة، والجمهور على ما تقدم.

قال ع «٥» : والذي يظهر لي: أن أهل البيت أزواجه وبنتُه وبنوها وزوجُها أعنى عليّاً، ولفظ الآية: يقتضي أن الزوجات من أهل البيت لأن الآية فيهن والمخاطبة لهن.

قال صلى الله عليه وسلّم: وأَهْلَ الْبَيْتِ: منصوبٌ على النداءِ أو على المدْحِ أو على الاخْتِصَاصِ وَهُوَ قَلِيلٌ في المخاطب، وأكْثَرُ ما يكونُ في المتكلِّم، كقوله [الرجز] :


(١) ذكره ابن عطية (٤/ ٣٨٣) .
(٢) ينظر: «المحرر» (٤/ ٣٨٤) .
(٣) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (١٠/ ٢٩٨) رقم (٢٨٤٩٩) ، والترمذيّ (٥/ ٣٥١) كتاب التفسير: باب «ومن سورة الأحزاب» ، حديث (٣٢٠٥) من طريق عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة به.
وقال الترمذيّ: هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٣٧٦- ٣٧٧) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، وابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٢٩٨) رقم (٢٨٥٠٣) عن عكرمة. وذكره البغوي (٥٢٨١٣) ، وابن عطية (٣٨٤١٤) ، وابن كثير في تفسيره (٣/ ٤٨٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٣٧٦) . وعزاه لابن أبي حاتم، وابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٥) ينظر: «المحرر» (٤/ ٣٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>