للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٦- ب بما فِيها، وَهَلْ/ في العِلم غُرُورٌ يَزِيدُ على هذا، انتهى من كِتَابِ ذَمِّ الغُرُور.

واختلفَ المتأولونَ في قَصَصِ هذهِ الخيل المَعْرُوضَةِ على سليمان ع فقال الجمهور: إنّ سليمان ع عُرِضَتْ عليه آلافٌ مِنَ الخَيْلِ تَرَكَهَا أَبُوهُ، فأُجْرِيَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ عِشَاءً، فَتَشَاغَلَ بجريها وَمَحَبَّتِهَا، حتى فَاتَهُ وَقْتُ صَلاَةِ العَشِيِّ، فَأَسِفَ لِذَلِكَ وَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الخَيْلَ فَطَفِقَ يَمْسَحُ سُوقَها وأعْنَاقَها بالسَّيْفِ، قَالَ الثَّعْلَبيُّ وغيره، وجَعَل يَنْحَرُهَا تَقَرُّباً إلى اللَّهِ تعالى حيثُ اشْتَغَل بِهَا عَنْ طَاعَتِهِ، وكان ذلكَ مُبَاحاً لَهُمْ كما أُبِيحَ لَنا بهيمةُ الأنْعَامِ، قال ع «١» : فَرُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تعالى أَبْدَلَهُ مِنْهَا أَسْرَعَ منها، وهي الرِّيحُ، قال ابن العربيِّ في «أحكامه» «٢» : والْخَيْرِ هنا هي الخيل وكذلكَ قَرأَها ابنُ مَسْعُود: «إنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْلِ» «٣» انتهى، و «الصَّافِنُ» : الذي يَرْفَعُ إحدى يديه وقَدْ يَفْعَلُ ذلكَ برِجْلِهِ وهي علامةُ الفَرَاهِيَة وأَنْشَدَ الزَّجَّاجُ «٤» : [الكامل]

أَلِفَ الصُّفُونَ فَمَا يَزَالُ كَأَنَّه ... مِمَّا يَقُومُ عَلَى الثَّلاَثِ كَسِيرَا «٥»

قالَ بَعْضُ العلَماء: الْخَيْرِ هنَا أرادَ به الخَيْلَ، والعَرَبُ تُسَمي الخَيْلَ، الخَيْرَ، وفي مِصْحَفِ ابْن مَسْعُودٍ: «حُبَّ الخَيْلِ» باللامِ.

والضميرُ في تَوارَتْ للشمسِ، وإن كَانَ لَمْ يَتَقَدَّم لَهَا ذِكْرٌ، لأنَّ المعنى يَقْتَضِيهَا، وأيضاً فَذِكْرُ العَشِيِّ يَتَضَمَّنُهَا، وقالَ بعضُ المفسرينَ حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ، أَي: الخيلُ دَخَلَتْ إصْطَبْلاَتِهَا، وقال ابنُ عبَّاسٍ والزُّهْرِيُّ: مَسْحُهُ بالسُّوقِ والأَعْنَاقِ لَمْ يَكُنْ بالسَّيْفِ بل بيدهِ تَكْرِيماً لَها ورَجَّحَهُ الطبريُّ «٦» ، وفي البخاري: فَطَفِقَ مَسْحاً يمسحُ أعْرَافَ الخَيلِ وعَرَاقِيبَهَا انتهى، وعن بعضِ العلماءِ أَنَّ هذهِ القصةَ لَمْ يَكُنْ فيها فَوْتُ صلاةٍ، وقالوا: عُرِضَ على سليمانَ الخيلُ وهو في الصلاةِ، فأشَارَ إليهم أي: إني في صلاة،


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٠٣) .
(٢) ينظر: «أحكام القرآن» (٤/ ١٦٤٨) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٥٠٤) . [.....]
(٤) ينظر: «معاني القرآن» (٤/ ٣٣٠) .
(٥) البيت بلا نسبة في «الأزهية» ص: (٨٧) ، و «أمالي ابن الحاجب» (٢/ ٦٣٥) ، و «شرح شواهد المغني» (٢/ ٧٢٩) ، و «لسان العرب» (١٣/ ٢٤٨) (صفن) ، و «مغني اللبيب» (١/ ٣١٨) ، وينظر: «الكشاف» (٢/ ٢٨٤) ، و «البحر المحيط» (٧/ ٣٨٨) ، و «الدر» (٥/ ٥٣٤) .
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٥٧٩) برقم: (٢٩٨٩٢) عن ابن عبّاس، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ٦١) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٥٠٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٣٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٥٨٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عبّاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>