للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمر أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وإنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمنْ أَهْلِ النَّارِ، يقالُ لَهُ: هذا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «١» ، انتهى.

وقوله [تعالى] وَيَوْمَ [تَقُومُ السَّاعَةُ] «٢» أي: وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُقَالُ: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ وآل فرعون: أتْبَاعُهُ وأهْلُ دينهِ، والضميرُ في قولهِ: يَتَحاجُّونَ لجميعِ كفارِ الأُمَمِ، وهذا ابتداءُ قصص لا يَخْتَصُّ بآل فرعونَ، والعامِلُ في: «إذ» فَعْلٌ مضمرٌ، تقديره: اذْكُرْ، ثم قال جميعُ مَنْ في النارِ لخَزَنَتِهَا: ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ فراجَعَتْهُمُ الخَزَنَةُ على مَعْنَى التَّوبِيخِ والتقريرِ: أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ، فأقَرَّ الكُفَّارُ عند ذلك، وقالُوا/ بَلى، أي: قَدْ كَانَ ذلك، فقالَ لهم الخَزَنَةُ عِنْدَ ذلك: ادعوا أنتم إذن، وهذا على معنى الهُزْءِ بهِم.

وقوله تعالى: وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ قيل: هو من قول الخَزَنَةِ، وقيل:

هو من قول الله تعالى إخبارا منه لمحمّد ع، ثم أخبَر تعالى أنه ينصر رسلَه والمؤمنينَ في الدنيا والآخرةِ، ونصرُ المؤمِنينَ داخلٌ في نَصْرِ الرُّسُلِ، وأَيْضاً، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ للمؤمنينَ الفضلاءِ وُدًّا، وَوَهَبَهُمْ نَصْراً إذا ظُلِمُوا، وَحَضَّتِ الشريعة على نصرهم ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ رَدَّ عَنْ أخِيهِ في عِرْضِهِ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَرُدَّ عَنْهُ نَارَ جهنّم» «٣» ،


(١) أخرجه البخاري (٣/ ٢٨٦) كتاب «الجنائز» باب: الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي (١٣٧٩) ، (٦/ ٣٦٦) كتاب «بدء الخلق» باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (٣٢٤٠) ، (١١/ ٣٦٩) كتاب الرقاق، باب: سكرات الموت (٦٥١٥) ، ومسلم (٤/ ٢١٩٩) كتاب «الجنة وصفة نعيمها وأهلها» باب:
عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه (٦٥- ٦٦/ ٢٨٦٦) ، وابن حبان (٧/ ٤٠٠- ٤٠١) ، كتاب «الجنائز» باب: ذكر الإخبار بأن أهل القبور تعرض عليهم مقاعدهم التي يسكنونها في كلّ يوم مرتين (٣١٣٠) ، ومالك (١/ ٢٣٩) كتاب «الجنائز» باب: جامع الجنائز (٤٧) ، وأحمد (٢/ ١١٣، ١١٦) ، والترمذي (٣/ ٣٧٥) كتاب «الجنائز» باب: ما جاء في عذاب القبر (١٠٧٢) ، والترمذي (٤/ ١٠٧) كتاب «الجنائز» باب: وضع الجريدة على القبر (٢٠٧٢) ، وابن ماجه (٢/ ١٤٢٧) كتاب «الزهد» باب: ذكر القبر والبلى (٤١٧٠) ، والطيالسي (١/ ١٥٣) كتاب «الجنائز» باب: ما جاء في حسن الظن بالله والكشف لكل إنسان عن مصيره (٧٣٦) .
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح.
(٢) في د: ويوم القيامة.
(٣) أخرجه البيهقي (٨/ ١٦٨) كتاب «قتال أهل البغي» باب: ما جاء في الشفاعة والذب عن عرض أخيه المسلم من الأجر، وأحمد (٦/ ٤٥٠) ، والترمذي (٤/ ٣٢٧) كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في الذب عن عرض المسلم برقم: (١٩٣١) ، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (٣/ ٥٠١) كتاب «الأدب وغيره» باب: الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما برقم: (٤١٩٤) عن أبي الدرداء

<<  <  ج: ص:  >  >>