للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسوسة هذا اللعينِ فأعظم الأدوية له الثقَةُ باللَّه، والتعوُّذ به، والإعراض عن هذا اللعين، وعدمُ الالتفاتِ إليه، ما أمكن قال ابن عطاءِ اللَّه «١» في «لَطَائِفِ المِنَنِ» : كان بي وسواسٌ في الوضوءِ، فقال لي الشيخُ أبو العبَّاس المُرْسِيُّ «٢» : إن كنت لا تترك هذه الوسوسةَ لا تَعْدُ تَأْتِينَا، فَشَقَّ ذلك علَيَّ، وقطع اللَّه الوسواسَ عني، وكان الشيخ أبو العباس يُلَقِّنُ للوسواسِ: سُبْحَانَ المَلِكِ الخَلاَّقِ، إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر: ١٦، ١٧] انتهى.

قال عِيَاضٌ: في «الشِّفا» «٣» وأما قصة آدم عليه السلام، وقوله تعالى: فَأَكَلا مِنْها [طه: ١٢١] بعد قوله: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ، وقوله تعالى: أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ [الأعراف: ٢٢] وتصريحه تعالى عليه بالمعصية بقوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى [طه: ١٢١] أي: جهل، وقيل: أخطأ، فإن اللَّه تعالى قد أخبر بعذره بقوله:

وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [طه: ١١٥] قال ابن عبَّاس: نسي عداوة إِبليس، وما عهد اللَّه إِليه من ذلك «٤» بقوله: إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ ...

[طه: ١١٧] الآيَة، وقيل: نسي ذلك بما أظهر لهما، وقال ابن عباس: إنما سمي الإنسان إنساناً لأنه عهد إِليه فنسي «٥» ، وقيل: لم يقصد المخالفة استحلالا لها، ولكنهما اغترا بِحَلِفِ إِبليس لهما: إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف: ٢١] وتوهَّما أن أحداً لا يحلف


- لأبي المعالي الجويني المسمى «إيضاح المحصول من برهان الأصول» .
ولد سنة (٤٤٣) هـ، وتوفي سنة (٥٣٦ هـ.) ينظر: «شجرة النور» ص (١٢٧) ، «الديباج» (ص ٢٧٩) .
(١) أحمد بن محمد بن عبد الكريم، أبو الفضل تاج الدين، ابن عطاء الله الإسكندري: متصوف شاذلي، من العلماء، كان من أشد خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية. له تصانيف منها: «الحكم العطائية» في التصوف، و «تاج العروس» في الوصايا والعظات، و «لطائف المنن في مناقب المرسي وأبي الحسن» توفي ب «القاهرة» . وينسب إليه كتاب «مفتاح الفلاح» ، وليس من تآليفه.
ينظر: «الأعلام» (١/ ٢٢١ و ٢٢٢) ، «الدرر الكامنة» (١/ ٢٧٣) ، «كشف الظنون» (٦٧٥) .
(٢) أحمد بن عمر المرسي، أبو العباس، شهاب الدين: فقيه متصوف، من أهل الإسكندرية، أصله من «مرسية» من «الأندلس» .
ينظر: «الأعلام» (١/ ١٨٦) ، «النجوم الزاهرة» (٧/ ٣٧١) .
(٣) ينظر: «الشفا» ص (٨٢٢، ٨٢٣) .
(٤) ذكره الماوردي في «التفسير» (٣/ ٤٣٠) بنحوه، والقرطبي (٦/ ٤٢٩١) .
(٥) أخرجه الطبري (٨/ ٤٦٥) برقم (٢٤٣٨٠) ، والحاكم (٢/ ٣٨٠- ٣٨١) ، وصححه، ووافقه الذهبي، وذكره السيوطي في «الدر» (٤/ ٥٥٣) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في «الصغير» وابن منده في «التوحيد» ، والحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>