للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنَّهَارِ» «١» قال ع «٢» : وهذا حديث غَلِطَ فيه ثابت بن موسى الزاهد، سَمِعَ شَرِيكَ بنَ عبد اللَّه يقول: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عن أبي سفيانِ، عن جابر، ثم نزع شريك لما رأى ثابتاً الزاهد فقال يعنيه: مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ بِاللَّيْلِ، حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ، فَظَنَّ ثابت أَنَّ هذا الكلام حديث متركِّب على السند المذكور، فَحَدَّثَ به عن شريك.

ت: واعلم أَنَّ اللَّه سبحانه جعل حُسْنَ الثناء علامةً على حسن عُقْبَى الدار، والكون في الجنة مع الأبرار، جاء بذلك صحيح الآثار عن النبي المختار ففي «صحيح البخاريّ» و «مسلم» عن أنس قالَ: «مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خيرا، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

وَجَبَتْ، ثُمَّ مَرُّوا بأخرى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: / وَجَبَتْ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا وَجَبَتْ؟ فَقَالَ:

هَذا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأَرْضِ» «٣» ، انتهى، ونقل صاحب «الكوكب الدُّرِّيِّ» من مسند البَزَّارِ عنِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّه قال: «يُوشِكُ أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بم؟ قال:

بالثّناء الحسن والثّناء السّيّئ» «٤» ، انتهى، ونقله صاحب كتاب «التشوُّف إلى رجال التصوُّف» وهو الشيخ الصالح أبو يعقوب يوسف بن يحيى التادلي، عن ابن أبي شيبة، ولفظه: وخرّج


(١) أخرجه ابن ماجه (١/ ٤٢٢) كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها» باب: ما جاء في قيام الليل (١٣٣٣) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١/ ٣٤١) (٢٥٧) ، (١٣/ ٣٨) (٦٩٩٥) ، وابن الشجري في «أماليه» (١/ ٢٠٥، ٢٠٨) .
قال العجلوني في «كشف الخفاء ومزيل الإلباس» (٢/ ٣٣٨) (٢٥٨٧) : لا أصل له، وإن روي من طرق عند ابن ماجه بعضها عن جابر، وأورد الكثير منها عن القضاعي وغيره، قال: ولكن قرأت بخط شيخنا في بعض أجوبته أنه ضعيف، بل قواه بعضهم والمعتمد الأول، وأطنب ابن عدي في رده، قال ابن طاهر: ظن القضاعي أن الحديث صحيح لكثرة طرقه، وهو معذور لأنه لم يكن حافظا انتهى.
واتفق أئمة الحديث: ابن عدي، والدارقطني، والعقيلي، وابن حبان، والحاكم على أنه من قول شريك لثابت، وقال ابن عدي: سرقه جماعة من ثابت، كعبد الله بن شبرمة الشريكي، وعبد الحميد بن بحر، وغيرهما، وقال ابن حجر المكي في «الفتاوى» : أطبقوا على أنه موضوع، مع أنه في «سنن ابن ماجه» .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ١٤١) .
(٣) أخرجه البخاري (٣/ ٢٧٠) كتاب «الجنائز» باب: ثناء الناس على الميت (١٣٦٧) (٥/ ٢٩٩) كتاب «الشهادات» باب: تعديل كم يجوز؟ (٢٦٤٢) ، ومسلم (٢/ ٦٥٥) كتاب «الجنائز» باب: فيمن يتسنى عليه خير أو شر (٦٠، ٦٠/ ٩٤٩) ، وابن ماجه (١/ ٤٧٨) كتاب «الجنائز» باب: ما جاء في الثناء على الميت (١٤٩١) .
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٤١١) كتاب «الزهد» باب: الثناء الحسن (٤٢٢١) ، والبيهقي (١٠/ ١٢٣) كتاب «آداب القاضي» باب: اعتماد القاضي على تزكية المشركين وجرحهم، والحاكم (١/ ١٢٠) .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>