للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام- وهو الأشبه به، ويؤيِّده ما في سورة طه في قولهم لموسى: وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً [طه: ٨٧] ، فظاهرُهُ أنهم أخبروه بما لم يتقدَّم له به شعورٌ، ثم قال لهم موسى: إنه سينزل اللَّه عليَّ كتابًا فيه التحليلُ والتحريمُ والهدى لكم، فلما جازوا البحر، طلبوا موسى بما قال لهم من أمر الكتاب، فخرج لميعاد ربه وحده، وقد أعلمهم بالأربعين ليلةً، فعدوا عشرين يوماً بعشرين ليلة، وقالوا: هذه أربعون من الدهر، وقد أَخْلَفَنَا المَوْعِدَ، وبدا تعنُّتهم وخلافُهم، وكان السامريُّ رجلاً من بني إسرائيل يسمى موسى بْنَ ظفر، ويقال: إِنه ابْنُ خالِ موسى، وقيل: لم يكن من بني إسرائيل، بل كان غريباً فيهم، والأول أصحُّ، وكان قد عرف جبريلَ عليه السلام وقت عبورهم، قالت طائفة: أنكَرَ هَيْئَتَهُ، فعرف أنه ملَكٌ، وقالت طائفة: كانت أم السامريِّ ولدته عام الذبْحِ، فجعلته في غَارٍ وأطبقت عليه، فكان جبريل عليه السلام يَغْذُوهُ بأصبع نفسه، فيجد في أصبع لَبَناً وفي أصبع عَسَلاً، وفي أصبع سَمْناً، فلما رآه وقت جواز البحْرِ، عرفه، فأخذ من تحت حافرِ فرسه قبضةَ ترابٍ، وألقى في روعِهِ أنه لن يلقيها على شيء، ويقول له: كن كذا إلا كان، فَلَمَّا خرج موسى لميعاده، قال هارون لبنِي إسرائيل: إِن ذلك الحُلِيَّ والمتاعَ الذي استعرتم من القِبْط لا يحلُّ لكم، فَجِيئوا به حتى تأكله النار التي كانت العادةُ أن تنزل على القرابين.

وقيل: بل أوقد لهم ناراً، وأمرهم بطرح جميعِ ذلك فيها، فجعلوا يطرحون.

وقيل: بل أمرهم أن يضعوه في حُفْرة دُون نار حتى يجيء موسى، وروي، وهو الأصحُّ الأكثر أنه ألقى الناسُ الحُلِيَّ في حفرة، أو نحوِها، وجاء السامريُّ، / فطرح القبضة، وقال: كن عجلاً.

وقيل: إن السامريَّ كان في أصله من قوم يعبدون البقر، وكان يعجبه ذلك.

وقيل: بل كانت بنو إسرائيل قد مرَّت مع موسى على قوم يعبدون البَقَرَ.

ت: والذي في القرآن: يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ [الأعراف: ١٣٨] ، قيل:

كانت على صور البقر، قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف: ١٣٨] ، فوعاها السامريُّ، وعلم أن من تلك الجهة يفتنون، ففتنت بنو إسرائيل بالعجل، وظلَّت منهم طائفةٌ يعبدونه، فاعتزلهم هارونُ بمن تبعه، فجاء موسى من ميعاده، فغضب حسبما يأتي قصصه في مواضعه، إن شاء اللَّه تعالى، ثم أوحى اللَّه إِليه أنه لن يتوب على بني إِسرائيل حتى يقتلوا أنفسهم، ففعلَتْ بنو إِسرائيل ذلك، فروي أنهم لبسوا السلاح مَنْ عَبَدَ منهم، ومن لم يَعْبُد، وألقى اللَّه عليهم الظلام، فقتل بعضهم بعضاً، يقتل الأب ابنه،

<<  <  ج: ص:  >  >>