واستدلوا على ذلك بأدلة نقلية وأدلة عقلية، فلنذكر الأدلة النقلية لأنها الأصل في هذا الباب، وهي أكثر من أن تحصى، والمعتمد منها عند أهل السنة قوله تعالى حكاية عن سيدنا موسى- عليه السلام- في ميقات المناجاة: قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف: ١٤٣] . تنطق الآية الكريمة بمسألة تتعلق بالذات الأقدس، وهي مسألة الرؤية، ولم يحدد النطق الكريم الحكم فيها، بل ترك لذوي العقول البحث. فكان القول بجوازها ووقوعها، وكان القول باستحالتها وعدم وقوعها، ولم يكن لصاحب كل قول من الآية الكريمة ما يعتمد عليه صريحا، بل كل مستند له هو الركون إلى اللغة تارة، واللجوء إلى الدليل العقلي أخرى. غير أن أهل السنة نظروا إلى ظروف الآية وما سيقت لأجله، فكانت عضدا قويا ركنوا إليه. -