للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: فأقسم، وزيادتها في بعض المواضع معروفة، وقرأ الحسن وغيره: «فَلأُقْسِمُ» من غير ألف، وقال بعضهم: «لا» نافية كأَنَّهُ قال: فلا صِحَّةَ لما يقوله الكفار، ثم ابتدأ:

أقسم بمواقع النجوم، والنجوم: هنا قال ابن عباس وغيره»

: هي نجوم القرآن وذلك أَنَّهُ روي أَنَّ القرآن نزل في ليلة القدر إلى سماء الدنيا، وقيل: إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك على النبي صلّى الله عليه وسلّم نُجُوماً مُقَطَّعَةً مدة من عشرين سنةً، قال ع «٢» : ويؤيده عودُ الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ وقال كثير من المفسرين: بلِ النجوم هنا هي الكواكب المعروفة، ثم اختلف هؤلاء في مواقعها، فقيل:

غروبها وطلوعها، وقيل: مواقعها عند انقضاضها إثْرَ العفاريت.

[وقوله:] وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ: تأكيد.

وقوله: لَوْ تَعْلَمُونَ: اعتراض.

وقوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ: هو الذي وقع القسم عليه.

وقوله: فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ الآية: المكنون: المصون قال ابن عباس وغيره «٣» :

أراد الكتابَ الذي في السماء، قال الثعلبيُّ: ويقال: هو اللوح المحفوظ.

وقوله: لاَّ يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ يعني: الملائكة، وليس في الآية على هذا التأويل تَعَرُّضٌ لحكم مَسِّ المصحف لسائر بني آدم، وقال بعض المتأولين: أراد بالكتاب مصاحِفَ المسلمين، ولم تكن يومئذ، فهو إخبار بغيب مضمنه النهي، فلا يَمَسُّ المصحفَ من بني آدم إلاَّ الطاهرُ من الكفر والحَدَثِ وفي كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعمرو بن حَزْمٍ: «لاَ يَمَسَّ القرآنَ إلاَّ طَاهِرٌ» «٤» ، وبِهِ أخذ مالك، وقرأ سليمان «٥» : إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ- بكسر الهاء-.


(١) أخرجه الطبري (١١/ ٦٥٨) ، برقم: (٣٣٥٢٨) ، وذكره البغوي (٤/ ٢٨٩) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٥١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٩٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢٣١) ، وعزاه لابن مردويه.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٥١) .
(٣) أخرجه الطبري (١١/ ٦٥٩) ، برقم: (٣٣٥٣٣) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٥١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٩٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢٣٢) ، وعزاه لآدم، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في «المعرفة» . [.....]
(٤) تقدم.
(٥) وقرأ بها أبان بن تغلب.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (١٥٢) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٥٢) ، و «البحر المحيط» (٨/ ٢١٤) ، و «الدر المصون» (٦/ ٢٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>