للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدعاء، وغيرِ ذلكَ مِنْ مَفْرُوضٍ، ومنْدُوبٍ، وكذلك قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَّا رَزَقْناكُمْ عامٌّ من المفرُوضِ والمندوبِ قاله جماعة من المفسرينَ، قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب «عيوب النفس» : وَمِنْ عيوبِها تضييعُ أوقاتِها بالاشْتِغَالِ بما لا يَعْنِي مِنْ أُمورِ الدُّنْيا، والخَوْضِ فيها مَعَ أهلِها، ومُدَاوَاتُها أنْ يَعْلَمَ أنَّ وَقْتَه أعزُّ الأشياءِ فَيَشْغَلَه بِأَعَزّ الأَشْيَاءِ، وهو ذِكْرُ اللَّهِ، والمُدَاوَمَةُ على الطاعةِ ومطالبةُ الإخْلاَصِ من نفسهِ فإنَّه رُوِيَ عنِ النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنِيهِ» «١» وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ: عَلَيْكَ بنفسِكَ فَإنْ لَمْ تَشْغَلْها شَغَلَتْكَ، انتهى.

وقولهُ: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ طَلَبٌ لِلْكَرَّةِ والإمهَالِ، وسَمَّاه قَرِيباً لأنّه آتٍ، وأيْضاً فإنَّما يتمنى ذلك لِيقْضِيَ فيه العملَ الصالحَ فَقَطْ/ وليس يتّسع الأمل حينئذ لطلب العيش ونظرته. وقوله: وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ظاهرَه العمُومُ، وقال ابن عباس: هو الحج «٢» وَرَوَى الترمذيُّ عنه أنَّه قال: مَا مِنْ رَجُلٍ لاَ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلاَ يَحُجُّ إلاَّ طَلَبَ الْكَرَّةَ عِنْدَ مَوْتِهِ «٣» ، قَال الثعلبيُّ: قَال ابن عباس: إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ يريدُ مِثْلَ آجالِنَا في الدنيا «٤» ، انتهى، وقرأ أبو عمرو «٥» : «وَأَكُونَ» ، وفي قوله تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها حَضٌّ عَلَى المُبَادَرَةِ ومُسَابَقَةِ الأَجَلِ بالعملِ الصالح.


(١) تقدم تخريجه. [.....]
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ١١٠- ١١١) ، بأرقام (٣٤١٨١- ٣٤١٨٢، ٣٤١٨٥) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٣١٥) ، والبغوي (٤/ ٣٥١) ، وابن كثير (٤/ ٣٧٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٣٤١) ، وعزاه لابن المنذر.
(٣) أخرجه الترمذي (٥/ ٤١٨) ، كتاب «التفسير» باب: ومن سورة المنافقون (٣٣١٦) ، وابن جرير (١٢/ ١١٠) (٣٤١٨٢) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٣٤٠) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني.
(٤) ذكره الفخر الرازي (١٠/ ١٧) .
(٥) ينظر: «السبعة» (٦٣٧) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٣٦٩) ، و «حجة القراءات» (٧١٠) ، و «العنوان» (١٩١) ، و «شرح الطيبة» (٦/ ٥٦) ، و «شرح شعلة» (٦٠٣) ، و «إتحاف» (٢/ ٥٤٠) ، و «معاني القراءات» (٣/ ٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>