للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشنعة «١» ، والذَّنْب، ولم يجرم نبيٌّ قطُّ ما يوجبُ قتله، وإنما التسليطُ عليهم بالقَتْل كرامةٌ لهم، وزيادةٌ لهم في منازلهم صلى اللَّه عليهمْ كَمَثَلِ مَنْ يُقْتَلُ في سبيلِ اللَّهِ من المؤمنين، والباء في «بِمَا» باء السبب.

ويَعْتَدُونَ: معناه: يتجاوزون الحُدُود، والاعتداء هو تجاوُزُ الحدِّ.

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ ... الآية.

اختلف في المراد ب الَّذِينَ آمَنُوا في هذه الآية.

فقالت فرقة: الذين آمنوا هم المؤمنون حقّا بنبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلم، وقوله: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ يكون فيهم بمعنى مَنْ ثَبَتَ ودَامَ، وفي سائر الفرق: بمعنى: مَنْ دخَلَ فيه، وقال السُّدِّيُّ: هم أهل الحنيفيَّة ممَّن لم يلحق محمّدا صلّى الله عليه وسلم، والذين هَادُوا، ومن عطف عليهم كذلك ممَّن لم يلحق محمّدا صلّى الله عليه وسلم، وَالَّذِينَ هادُوا هم اليهودُ، وسُمُّوا بذلك لقولهم:

هُدْنا إِلَيْكَ [الأعراف: ١٥٦] ، أي: تبنا، وَالنَّصارى لفظةٌ مشتقَّة من/ النَّصْرِ.

قال ص «٢» : وَالصَّابِئِينَ: قرأ الأكثر بالهمز صَبَأَ النَّجْمُ، والسِّنُّ، إِذا خرج، أي: خَرَجُوا من دينٍ مشهورٍ إِلى غيره، وقرأ نافع «٣» بغير همز، فيحتمل أن يكون من المهموز المُسَهَّل، فيكون بمعنى الأول، ويحتمل أن يكون مِنْ صَبَا غيْرَ مهموزٍ، أي: مَالَ ومنه: [الهزج]

إلى هِنْدٍ صَبَا قَلْبِي ... وهند مثلها يصبي «٤»

انتهى.

قال ع «٥» : والصّابئ في اللغة: من خرج من دين إلى دين.

وأما المشار إليهم في قوله تعالى: وَالصَّابِئِينَ فقال السديُّ: هم فرقة من أهل


(١) الشّنعة: الاسم من الشناعة، وشنع الأمر أو الشيء شناعة وشنعا وشنعا وشنوعا: قبح.
ينظر: «لسان العرب» (٢٣٣٩) .
(٢) «المجيد» (ص ٢٨٠) .
(٣) ينظر: «السبعة» (١٥٧) ، و «الحجة للقراء السبعة» (٢/ ٩٤) ، و «حجة القراءات» (١٠٠) ، و «شرح شعلة» (٢٦٥) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (١/ ٣٩٦) .
(٤) البيت لزيد بن ضبة، وهي في «اللسان» صبا.
(٥) «المحرر الوجيز» (١/ ١٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>