للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مساجِدِهِمْ، ومجتمعاتِهِمْ، فلم يروا أحداً من الهالكينَ، فقالوا: إِن للنَّاس لشأناً، ففتحوا عليهم الأبوابَ لما كانت مغْلَقة باللَّيْل، فوجدوهم قردَةً يعرفون الرجُلَ والمرأة.

وقيل: إن الناجينَ كانُوا قد قسموا بينهم وبين العاصين القريَةَ بجِدَارٍ تَبَرِّياً منهم، فأصبحوا، ولم تفتحْ مدينةُ الهالكين، فتسوَّروا عليهم الجدارَ، فإِذَا هم قردةٌ يثبُ بعضهم ٢٤ أعلى بعض/.

وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وثبت أنَّ المُسُوخَ لا تنسل، ولا تأكل، ولا تشرَبُ، ولا تعيشُ أكثَرَ من ثلاثة أيام «١» ، ووقع في كتاب مسلم عنه صلّى الله عليه وسلم «أنّ أمّة من الأمم فقدت، وأراها


- مجازا فيما سواه، أي: في النّدب والإباحة، وسائر المعاني المستعملة فيها الصيغة، وهذا مذهب الشافعي، واختاره ابن الحاجب في «المختصر» ، والبيضاويّ في «المنهاج» .
المذهب الثّاني: ويعزى لأبي هاشم الجبّائي، وهو وجه عند الشافعية حيث ذهبوا إلى أن صيغة الأمر حقيقة في الندب، مجاز فيما سواه.
المذهب الثّالث: يرى أن صيغة الأمر حقيقة في الإباحة، وهو التخيير بين الفعل والتّرك، فهي لا تدلّ إلا على الجواز حقيقة لأنه هو المتيقن، فعند خلوّه عن القرينة يكون حقيقته في الإباحة، مجازا فيما سواها.
المذهب الرّابع: ويعزى للماتريديّ حيث يرى أن صيغة الأمر حقيقة في القدر المشترك بين الوجوب والندب، وهو الطّلب لأن كلا من الوجوب والندب طلب، ويزاد قيد الجزم في جانب الوجوب لأنه الطلب الجازم، والندب غير جازم.
المذهب الخامس: وفيه تكون صيغة الأمر مشتركة بين الوجوب والنّدب اشتراكا لفظيّا.
المذهب السّادس: يرى أن صيغة الأمر مشتركة بين الوجوب، والنّدب، والإباحة.
المذهب السّابع: يرى أن صيغة الأمر حقيقة في القدر المشترك بين هذه الأنواع الثلاثة، وهو الإذن. نصّ عليه أبو عمرو بن الحاجب.
المذهب الثّامن: وإليه ذهب القاضي أبو بكر الباقلاني، والغزالي، والآمديّ حيث كانوا يتوقّفون عن القول بأن الصيغة تدلّ على الوجوب، أو على الندب لأن الصيغة استعملت في الوجوب تارة، وفي النّدب أخرى، فقالوا بالتوقّف.
قال الآمديّ: ومنهم من توقّف، وهو مذهب الأشعري (رحمه الله تعالى) ومن تبعه من أصحابه كالقاضي أبي بكر، والغزالي، وغيرهما، وهو الأصح.
المذهب التّاسع: يرى أن صيغة الأمر مشتركة بين الوجوب، والندب، والإباحة، والإرشاد، والتهديد.
وقيل: صيغة الأمر مشتركة بين الوجوب، والنّدب، والتحريم، والكراهة، والإباحة فهي مشتركة بين الأحكام الخمسة، ووجهة دلالة الصيغة على التحريم والكراهة فإنها تستعمل في التّهديد، وهو يستلزم ترك الفعل المهدّد عليه، وهو إما محرم، أو مكروه.
ينظر: «الإحكام» للآمدي (٢/ ٩) ، و «التيسير شرح التحرير» (٢/ ٤٩) .
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١/ ١٤٧) وعزاه لابن جرير عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>