للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنُورٌ لَكَ في الأَرْضِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي، قَالَ: وَإيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإنَّهُ يُمِيْتُ القَلْبَ، ويَذْهَبَ بِنُورِ الْوَجْهِ، قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: عَلَيْكَ بِالجَهَادِ فِإنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إلاَّ مِنْ خَيْرٍ فَإنَّهُ مَطْرَدَةٌ للشَّيْطَانِ وَعَوْنٌ لَكَ على أَمْرِ دِينِكَ» «١» انتهى.

وقوله تعالى: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ أي: وَحَّدَهُ وَصلَّى له الصلواتِ المفروضةَ وغيرَها، وقال أبو سعيد الخدري وغيره: هذه الآيةُ نزلتْ في صَبِيحَةِ يومِ الفِطْرِ «٢» ، ف تَزَكَّى: أدَّى زكاةَ الفِطْرِ، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ في طريق المُصَلَّى، وصَلَّى صلاةَ العِيد، ثم أخْبَرَ تعالى الناسَ أنهم يؤثِرُونَ الحياةَ الدنيا، وسَبَبُ الإيثارِ حُبُّ العَاجِلِ والجهلُ ببقاءِ الآخرةِ وفَضْلِها، ورَوِّينَا في كتابِ الترمذي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «استحيوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحياءِ، قَالَ: فقلنا: يَا رسولَ اللَّهِ، إنَّا نَسْتَحِي وَالحَمْدُ للَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، ولكن الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وعى، وَتَحْفَظَ البَطْنَ وَمَا حوى، وَلْتَذْكُرِ المَوْتَ والبلى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَركَ زِينَةَ الدّنْيَا، فَمَنْ فَعَل ذَلكَ فَقَدْ استحيا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاء» «٣» انتهى، قال الغَزَّاليُّ: وإيثارُ الحياةِ الدنيا طَبْعٌ غالبٌ على الإنسانِ ولذلك قال تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ثمَّ بَيَّنَ سبحانه أن الشَّرَّ قَدِيمٌ في الطباعِ وأن ذلكَ مذكورٌ في الكتُبِ السالِفَة فقال: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى، انتهى من «الإحياء» .


(١) تقدم تخريجه. [.....]
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٧٠) .
(٣) أخرجه الترمذي (٤/ ٦٣٧) ، كتاب «صفة القيامة» باب: (٢٤) (٢٤٥٨) ، وأحمد (١/ ٣٨٧) ، والحاكم (٤/ ٣٢٣) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٤/ ٢٠٩) ، والشجري في «الأمالي» (٢/ ١٩٦- ١٩٧) ، والطبراني في «معجمه الكبير» (١٠/ ١٠٢٩٠) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
قال الترمذي: هذا حديث إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمّد اهـ.
قال المزي في «تهذيب الكمال» (٢/ ٥) : قال أحمد بن محمّد بن القاسم بن محرز البغدادي، عن يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة.
وقال أبو الفتح الأزدي: متروك اهـ من «تهذيب الكمال» ، وقال أيضا عن الصباح بن محمّد بن أبي حازم البجليّ (١٣/ ١١٠) من «تهذيب الكمال» : روى له الترمذي حديثا واحدا عن مرة عن ابن مسعود:
«استحيوا من الله حق الحياء» . وقال: غريب إنما نعرفه من هذا الوجه. اهـ.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وللحديث شاهد من حديث الحكم بن عمير، أخرجه الطبراني (٣/ ٢٤٦) ، (٣١٩٢) .
قال الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ٢٧٨) : رواه الطبراني وفيه عيسى بن إبراهيم القرشي، وهو متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>