للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لما ذَكَر سليمانَ- عليه السلام- في الأنبياء، قال بعضُ اليهود: انظروا إلى محمَّد يذكر سليمانَ في الأنبياء، وما كان إِلا ساحراً.

وقوله تعالى: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ تبرئةٌ من اللَّه تعالى لسليمان- عليه السلام.

والسِّحْرُ والعمل به كفْرٌ، ويقتلُ السَّاحر عند مالك كُفْراً، ولا يستتابُ كالزنديقِ، وقال الشافعيُّ: يسأل عن سِحْره، فإِن كان كُفراً، استتيب منه، فإِن تاب، وإِلا قتل، وقال مالكٌ فيمَنْ يعقدُ الرجَالَ عن النساءِ: يعاقَبُ، ولا يُقْتَلُ، والناس المعلَّمون: أتباعُ الشياطين من بني إِسرائيل، وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ: «مَا» عطْفٌ على السِّحْر، فهي مفعولةٌ، وهذا على القول بأن اللَّه تعالى أنزل السِّحْرَ على الملكَيْن ليكفر به من اتبعه، ويؤمن به من تركه، أو على قول مجاهد وغيره أنَّ اللَّه تعالى أنزل على الملكَيْن الشيْءَ الذي يفرق به بين المرء وزوجه، دون السِّحْر، أو «١» على القول أن اللَّه تعالى أنزل السحر عليهما ليُعْلَم على جهة التحذير منه، والنهْيِ عنه.

قال ع «٢» : والتعليمُ على هذا القول، إِنما هو تعريف يسير بمبادئه، وقيل:

«إِنَّمَا» عطف على «ما» في قوله: مَا تَتْلُوا، وقيل: «ما» نافية، ردٌّ على قوله: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ، وذلك أنَّ اليهود قالُوا: إن اللَّه تعالى أنزل جبريلَ وميكَائلَ بالسِّحْر، فنفى اللَّه ذلك.

ت: قال عِيَاضٌ: والقِرَاءَةُ بكسر اللام من الملكَيْن شاذَّة «٣» ، وبَابِل: قُطْر من الأرض، وهَارُوتُ ومَارُوتُ: بدل من الملكَيْن، وما يذكر في قصتهما مع الزُّهرةِ كُلُّه ضعيفٌ وكذا قال: ع «٤» ت: قال عياض «٥» : وأما ما ذكره أهل الأخبار، ونقله المفسِّرون في قصَّة


(١) أخرجه الطبري (١/ ٤٩٩) برقم (١٦٨٠) ، وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ١٨٣) ، وابن عطية الأندلسي في «تفسيره» (١/ ١٨٦) .
(٢) «المحرر الوجيز» (١/ ١٨٦) .
(٣) وقرأ بها الحسن بن علي وابن عباس، كما في مختصر الشواذ ص ١٦ وقرأ بها أيضا أبو الأسود الدؤلي، والضحاك، وابن أبزى.
ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ١٨٦) ، و «البحر المحيط» (١/ ٤٩٧) ، و «الدر المصون» (١/ ٣٢١) .
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ١٨٧) .
(٥) ينظر: «الشفا» (ص ٨٥٣- ٨٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>