للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهم، وقد روي ذلك عن عليٍّ- رضي اللَّه عنه- في قوله عز وجَلَّ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [محمد: ٣١] فقال رضي اللَّه عنه: إِن اللَّه عزَّ وجلَّ لم يزلْ عالماً بأخبارِهِمْ وخُبْرِهِمْ وما هُمْ عليه، وإن قوله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ، أي: حتى نسوقَكُم إِلى سابقِ علْمِي فيكم. انتهى، وهو كلام حسنٌ.

وقد نبه ع: على هذا المعنى فيما يأتي، والعقيدةُ أنَّ علمه سبحانه قديمٌ، عَلِمَ كلَّ شيء قبْلَ كونه، فجرى على قَدَرِهِ لا يكون من عباده قولٌ ولا عملٌ إلا وقد قضاه، وسبق علمه به سبحانه لا إله إلا هو.

وإِبْراهِيمَ: يقال: إِنَّ تفسيره بالعربيَّةِ أَبٌ رَحِيمٌ، واختلف أهل التأويل في «الكلمات» ، فقال ابن عَبَّاس: هي ثلاثُونَ سَهْماً هي الإسلام كلُّه، لم يتمَّه أحدٌ كاملاً إلا إبراهيمُ- عليه السلام- منْها في «براءة» : التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ... الآية [التوبة: ١١٢] ، وعشرة في «الأحزاب» : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ... الآية [الأحزاب: ٣٥] ، وعَشَرة في سَأَلَ سائِلٌ «١» [المعارج: ١] .

ت: وقيل غير هذا.

وفي «البخاريِّ» : أنه اختتن، وهو ابن ثمانينَ سنَةً بالقَدُومِ «٢» ، قال الراوي: فأوحى اللَّه إليه إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً والإِمام القُدْوة.

وإِنما سمِّيت هذه الخصالُ كلماتٍ لأنها/ اقترنتْ بها أوامر هي كلمات، وروي أن ٣٥ أ


(١) أخرجه الطبري (١/ ٥٧٢) برقم (١٩٠٩- ١٩١٠- ١٩١١) ، والحاكم (٢/ ٥٥٢) ، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وصححه الذهبي. وذكره البغوي في «تفسيره» (١/ ١١١) ، وابن عطية الأندلسي في «تفسيره» (١/ ٢٠٥) ، وابن كثير (١/ ١٦٥) ، والسيوطي في «الدر» (١/ ٢١١) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه، وابن عساكر، وذكره الشوكاني في «تفسيره» (١/ ٢٠٤) .
(٢) أخرجه البخاري (٦/ ٤٤٧) كتاب «أحاديث الأنبياء» ، باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا حديث (٣٣٥٦) ، ومسلم (٤/ ١٨٣٩) كتاب «الفضائل» ، باب من فضائل إبراهيم الخليل صلّى الله عليه وسلم، حديث (١٥١/ ٢٣٧٠) ، وأحمد (٢/ ٤١٨) ، والبيهقي (٨/ ٣٢٥) كتاب «الأشربة» ، باب السلطان يكره على الاختتان. كلهم من طريق أبي الزِّنَادِ عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اختتن إبراهيم على رأس ثمانين سنة، واختتن بالقدوم» .
وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة: أخرجه أبو يعلى (١٠/ ٣٨٣- ٣٨٤) رقم (٥٩٨١) من طريق محمَّد بنِ عَمْرٍو عن أَبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>