للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنَّ رجوع الأمر كلِّه إِليه كما هو له، قال الفَخْرُ «١» : قال أبو بَكْرٍ الوَرَّاق «٢» : إِنَّا لِلَّهِ:

إقرارٌ منَّا له بالمُلْكِ، وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إِقرارٌ على أنفسنا بالهلاكِ.

واعلم أن قوله: إِنَّا لِلَّهِ يدلُّ على كونه راضيًا بكلِّ ما نَزَلَ به، ووردَتْ أخبارٌ كثيرة في هذا الباب عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فمنِ استرجع عند المصيبة، جَبَر اللَّه مصيبته، وأحْسَنَ عقباه، وجعل له خَلَفاً صالحاً يرضَاهُ. انتهى.

وروي: «أنّ مصباح رسول الله صلّى الله عليه وسلم انطفأ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، فَقِيلَ: أَمُصِيبَةٌ هِيَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ كُلُّ مَا آذَى المُؤْمِنَ، فَهُوَ مُصِيبَةٌ» «٣» . قال النوويُّ «٤» : ورُوِّينَا في «كتاب ابن السُّنِّيِّ» «٥» عن أبي هريرة، قال: قَالَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ليسترجعْ أحدُكُمْ في كلِّ شيء، حتى في شِسْعِ «٦» نَعْلِه فَإِنها من المصائِبِ» «٧» . انتهى من «الحلية» .


(١) «التفسير الكبير» (٤/ ١٤٠) .
(٢) الإمام المحدّث، أبو بكر، محمد بن إسماعيل بن العبّاس البغداديّ المستملي الورّاق. سمع أباه، والحسن بن الطّيّب، وعمر بن أبي غيلان، وأحمد بن الحسن الصّوفي، ومحمد بن محمد الباغندي، والبغوي.
وعنه: الدّارقطني، والبرقاني، وأبو محمد الخلّال، وأحمد بن عمر القاضي، وأبو محمد الجوهري وعدّة.
ولد سنة ثلاث وتسعين ومئتين، ومات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
ينظر: «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ٣٨٨، ٣٨٩) .
(٣) ينظر: «تفسير القرطبي» (٢/ ١٧٥) .
(٤) «الأذكار» (ص ١٥٨) .
(٥) الإمام الحافظ الثقة الرّحال، أبو بكر، أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الهاشميّ الجعفريّ، مولاهم الدّينوري، المشهور ب «ابن السّنّي» ، ولد في حدود سنة ثمانين ومئتين.
وهو الذي اختصر «سنن النّسائي» ، واقتصر على رواية المختصر، وسمّاه «المجتبى» ، وجمع وصنّف كتاب «يوم وليلة» . توفي آخر سنة أربع وستين وثلاثمائة. ينظر: «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ٢٥٥- ٢٥٦) .
(٦) الشّسع: أحد سيور النعل، وهو الذي يدخل بين الإصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام: السّير الذي يعقد فيه الشّسع.
ينظر: «النهاية» (٢/ ٤٧٢) .
(٧) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٣٤٦) ، وذكره الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (٣/ ٢٣١) رقم (٣٣٥١) ، وعزاه لمسدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>