وأمّا قراءة «يرى الذين» بالغيبة وكسر «إنّ» و «إنّ» فيكون الجواب قولا محذوفا وكسرتا لوقوعهما بعد القول، فتقديره على كون الفاعل ضمير الرأي: لقال إنّ القوة وعلى كونه «الذين» : لقالوا، ويكون مفعول «يرى» محذوفا أي: لو يرى حالهم. ويحتمل أن يكون الجواب: لاستعظم أو لا ستعظموا على حسب القولين، وإنما كسرتا استئنافا، وحذف جواب «لو» شائع مستفيض، وكثر حذفه في القرآن. وفائدة حذفه استعظامه وذهاب النفس كلّ مذهب فيه بخلاف ما لو ذكر، فإنّ السامع يقصر همّه عليه، وقد ورد في أشعارهم ونثرهم حذفه كثيرا. قال امرؤ القيس: [الطويل] وجدّك لو شيء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا وقال النابغة: [الطويل] فما كان بين الخير لو جاء سالما ... أبو حجر إلّا ليال قلائل ينظر: «الدر المصون» (١/ ٤٢٨- ٤٢٩) ، و «البحر المحيط» (١/ ٦٤٥- ٦٤٦) . (١) قراءة أهل مكة والكوفة وأبي عمرو بالياء التحتية «يرى» ، وهو اختيار أبي عبيد. وقراءة أهل المدينة وأهل الشام بالفوقية. والمقصود بأهل مكة: ابن كثير، وأهل الكوفة: عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عامر بالياء التحتية، وابن جماز عن أبي جعفر، وليس من أهل الشام من يقرأ بياء الغيبة، والمقصود به ابن عامر. وأما الذين يقرءون بتاء الخطاب، فهم: نافع، وابن وردان عن أبي جعفر، ويعقوب البصري. والمخاطب: السامع، أو الرسول صلّى الله عليه وسلم. و «الذين» مفعول به. أما اختيار أبي عبيد لإحدى القراءتين فلا يطعن في الأخرى لأن القراءة سنة متبعة. ينظر: «حجة القراءات» (١٢٠) ، و «السبعة» (١٧٣) ، و «الحجة» (٢/ ٢٥٨) ، و «العنوان» (٧٢) ، و «شرح طيبة النشر» (٤/ ٨٠) ، و «معاني القراءات» (١/ ١٨٦) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (١/ ٤٢٥) .