للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد ب الَّذِينَ آمَنُوا من آمن بمحمّد صلّى الله عليه وسلم فقالتْ طائفةٌ: معنى الآية أن الأمم كَذَّب بعضهم كتابَ بعض، فَهَدَى اللَّه أمَّة محمَّد صلّى الله عليه وسلم للتصديقِ بجمِيعِهَا «١» ، وقالتْ طائفة: إِن اللَّه سبحانه هَدَى المؤمنين للحَقِّ فيما اختلف فيه أهلُ الكتاب من قولهم: إنّ إبراهيم كان ٥٣ أيهوديّا أوْ نَصْرَانِيًّا «٢» ، قال زيْدُ بن أسلم: وكاختلافهم في يوم الجمعة فإن النبيّ صلّى الله عليه وسلم/ قال: «هذا اليومُ الَّذي اختلفوا فيه، فهَدَانا اللَّه له، فلليهود غَدٌ، وللنصارى بَعْدَ غد، وفي صيامهمْ، وجميع ما اختلفوا «٣» فيه.

قال الفَرَّاء: وفي الكلام قلْبٌ، واختاره الطبريُّ «٤» ، قال: وتقديرُهُ: فهدَى اللَّه الذين آمنوا للحقِّ ممَّا اختلفوا فيه، ودعاه إِلى هذا التقديرِ خوْفُ أن يحتمل اللفظ أنهم اختلفوا في الحَقِّ، فهدى اللَّه المؤمنين لبَعْضِ ما اختلفوا فيه، وعَسَاه غير الحق في نَفْسه نحا إِلى هذا الطبريُّ في حكايته عن الفَرَّاء.

قال ع «٥»

: وادعاء القَلْب على كتابِ اللَّه دُونَ ضرورة تَدْفَعُ إِلى ذلك عَجْزٌ، وسُوء نَظَرٍ. وذلك أنَّ الكلام يتخرَّج على وجهه ورَصْفه لأن قوله: فَهَدَى يقتضي أنهم أصابوا الحَقَّ، وتم المعنى في قوله: فِيهِ، وتبيَّن بقوله: مِنَ الْحَقِّ جنسُ ما وقع الخلاف فيه، وبِإِذْنِهِ قال الزجَّاج «٦»

: معناه بعِلْمِهِ.

ع «٧»

: والإِذن هو العلم، والتمكين، فإِن اقترن بذلك أمرٌ، صار أقوى من الإِذن بمزية.

وقوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ ... الآية: أكثر المفسرين «٨»


(١) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٨٦) .
(٢) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٨٦) .
(٣) أخرجه الطبري (٢/ ٣٥١) برقم (٤٠٦٤) ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١/ ١٨٧) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٨٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٤٣٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم، عن زيد بن أسلم.
(٤) «تفسير الطبري» (٤/ ٢٨٦) .
(٥) «المحرر الوجيز» (١/ ٢٨٧) .
(٦) «معاني القرآن» (١/ ٢٨٥) . [.....]
(٧) «المحرر الوجيز» (١/ ٢٨٧) .
(٨) ينظر: «الطبري» (٤/ ٢٨٨) ، و «المحرر الوجيز» (١/ ٢٨٧) ، و «بحر العلوم» (١/ ٢٠٠) ، و «الرازي» (٦/ ١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>