أحدهما: فضول الكلام، وباطله الذي يجري على غير عقد. والثاني: ما كان فيه رفث وفحش ومأثم. وقال قتادة في قوله (تعالى) : لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً [الغاشية: ١١] ما يؤثم. وقالت عائشة (رضي الله عنها) : «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال (يعني في اللّغو في اليمين) «هو كلام الرّجل في بيته: لا والله، وبلى والله» . أخرجه أبو داود، ورواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول عن عطاء عن عائشة موقوفا. وقالت المالكية: هو الحلف على شيء يعتقده الحالف. أي: «يغلب على ظنّه فيظهر له خلافه» ، وهو مذهب الحنفية. وقالت الحنابلة: هو ما جرى على اللسان من غير قصد، أو الحلف على شيء يعتقده، فيظهر له خلافه، ودليلهم ما تقدم للشافعية والمالكية والحنفية. وإذا نظرنا إلى دليل كلّ وجدنا أن اللغو الذي ينبغي أن يعتبر هو: ما جرى على اللّسان من غير قصد فقط لأن هذا هو معنى اللغو في اللغة، والألفاظ تحمل على معانيها اللغوية ما لم يرد عن الشرع ما يحملها على خلافه، ولم يرد عنه ما يخالف ذلك، بل ورد ما يعضده، فقد أجابت عائشة (رضي الله عنها) حينما سئلت عن اللّغو في اليمين بأنه هو كلام الرجل في بيته: «لا والله، وبلى والله» . ووافقها على ذلك كثير من الصحابة والتابعين، فإن كان هذا القول قالته عن سماع من رسول الله صلّى الله عليه وسلم فالحجة فيه واضحة، وإن كان قولا منها، فهو تفسير لصحابي يعرف معاني الألفاظ اللغوية والمعاني الشّرعية، وقوله مقبول. وأما حديث الرّماة، فقد قال الحافظ فيه: إنه لا يثبت لأنه من مراسيل الحسن، وهو ممن لا تعتبر مراسيله لأنه كان لا يتحرى الثقة. ينظر: «الكفارات» لشيخنا: حسن علي حسانين. (١) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣١٠) . (٢) «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٢) . (٣) اليمين الغموس هي: الحلف على فعل أو ترك ماض كاذبا، سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم. -