للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى الطبريُّ معناه عن ابْنِ عَبَّاس وغيره «١» .

واختلف في كيفيَّة إِتيان التابُوتِ، فقال وهب: لما صار التابوتُ عند القومِ الذين غَلَبُوا بني إِسْرَائيل، وضَعُوه في كنيسة لهم فيها أصنامٌ، فكانت الأصنام تُصْبِحُ منكَّسة، فجعلوه في قرية قَوْمٍ، فأصاب أولئك القَوْم/ أوجاعٌ، فقالوا: ما هذا إلّا لهذا التابوت، ٦٢ ب فلنردَّه إِلى بني إِسرائيل، فأخذوا عَجَلَةً، فجعلوا التابُوتَ علَيْها، وربَطُوها ببقرتَيْن، فأرسلوهما في الأرضِ نَحْو بلادِ بَني إسرائيل، فبعث اللَّه ملائكَةً تَسُوقُ البقرتَيْنِ حتى دخَلَتَا به على بني إِسرائيل، وهم في أمر طَالُوتَ، فأيقنوا بالنَّصْر.

وقال قتادةُ، والربيعُ: كان هذا التابوتُ مما تركه موسى عنْد يُوشَعَ، فجعله يُوشَعُ في البريَّة، ومَرَّتْ علَيْه الدُّهُور حتى جاء وقْتُ طَالُوت، فحملَتْه الملائكةُ في الهَوَاء حتى وضعْته بينهم، فاستوثقت بنو إِسرائيل عند ذلك على طالوت «٢» ، وقيل غير هذا، واللَّه أعلم.

وقوله تعالى: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ... الآية: قال ابن عَبَّاس: السكينةُ طَسْتٌ من ذهَبٍ من الجَنَّة «٣» ، وقال مجاهدٌ: السكينة لها رأس كرأس الهِرَّة، وجنَاحَان، وذَنَب «٤» .

وقال عطاءٌ: السكينة ما يعرفونَ من الآياتِ، فيسكنون إِليها «٥» ، وقال قتادة: سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي: وقار لكم من ربِّكم «٦» .

قال ع: والصحيحُ أن التابوت كانَتْ فيه أشياء فاضلةٌ من بقايا الأنبياء وآثارهم، تَسْكُن إِلى ذلك النُّفُوس، وتأنس به، ثم قَرَّر تعالى أن مجيء التابوتِ آية لهم، إن كانوا


(١) أخرجه الطبري (٥/ ٣١٥) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٣٢) .
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٣٢٤) برقم (٥٦٦٢، ٥٦٦٣) ، و «المحرر الوجيز» (١/ ٣٣٢) .
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٣٢٨) برقم (٥٦٧٨) ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١/ ٢٢٨) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٣٢) ، والماوردي في «النكت والعيون» (١/ ٣١٦) .
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٣٢٨) برقم (٥٦٧٥) ، و «المحرر الوجيز» لابن عطية (١/ ٣٣٢) ، و «الدر المنثور» (١/ ٥٦٢) ، وعزاه السيوطي لسفيان بن عيينة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «الدلائل» عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٣٢٩) ، والبغوي في «تفسيره معالم التنزيل» (١/ ٢٢٨) ، و «النكت والعيون» (١/ ٣١٦) ، و «المحرر الوجيز» (١/ ٣٣٢) .
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٣٢٩) برقم (٥٦٨٤) ، وذكره الماوردي في «النكت والعيون» (١/ ٣١٦) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>