للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مجاهدٌ وغيره: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ: الدُّنيا، وَما خَلْفَهُمْ: الآخرة «١» ، وهذا صحيحٌ في نفْسه عند موت الإِنسان لأن ما بين اليَدِ هو كلُّ ما تقدَّم الإِنسان، وما خَلْفه:

هو كلُّ ما يأتي بعده، وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ، أي: مِن معلوماته لأن علْم اللَّه تعالى لا يتبعَّض، ومعنى الآية: لاَ مَعْلُومَ لأحدٍ إلا ما شاء اللَّه أنْ يعلمه، قال ابن عبَّاس:

كُرْسيُّه: علْمه «٢» [قالَ] الطبريُّ «٣» : ومنه الكُرَّاسَة.

قال ع «٤» : والذي تقتضيه الأحاديثُ أنَّ الكرسيَّ مخلوقٌ عظيمٌ بَيْن يَدَيِ العَرْشِ، والعَرْشُ أعظمُ منْه وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ فِي الكُرْسِيِّ إِلاَّ كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلْقِيَتْ فِي تُرْسٍ» وقال أبو ذَرٍّ: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا الكُرْسيُّ فِي العَرْش إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ» «٥» وهذه الآية مُنْبِئَةٌ عن عِظَمِ مخلوقاتِ اللَّه سبحانَهُ، والمستفادُ من ذلك عِظَمُ قدرتِهِ- جل وعلا- إِذ لا يَؤُوده حفْظُ هذه المخلوقاتِ العظيمة، وَلا يَؤُدُهُ: معناه: لا يُثْقِلُهُ، ولا يشقُّ عليه، وهو تفسير ابن عبّاس وغيره، والْعَلِيُّ: يراد به عُلُوُّ القَدْر، والمنزلةِ، لا عُلُوُّ المكانِ لأن اللَّه سبحانه منزَّه عن التَّحَيُّز وكذا الْعَظِيمُ: هو صفةٌ بمعنى عِظَم القَدْر، والخَطَر، لا على معنى عِظَمِ الأجْرَامِ، ومن «سلاح المؤمن» قال: وعن أبي أُمَامَةً، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ» . رواه النَّسَائِيُّ «٦» عن الحُسَيْن بن بشر «٧»


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ١١) برقم (٥٧٨٣) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (١/ ٢٣٩) ، وابن عطية في «تفسيره» (١/ ٣٤١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن جرير (١/ ٥٨٠) .
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ١١) برقم (٥٧٨٨) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٣٤٢) ، والماوردي في «تفسيره» (١/ ٣٢٥) ، وابن كثير في «تفسيره» (١/ ٣٠٩) ، والسيوطي في «تفسيره» (١/ ٥٨٠) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «الأسماء والصفات» عنه. [.....]
(٣) ذكره الطبري (٣/ ١٢) .
(٤) ذكره ابن عطية (١/ ٣٤٢) .
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ١٠) ، وأبو الشيخ في «العظمة» (٢/ ٥٨٧) ، من طريق عبد الرحمن بن زَيْد بن أسْلَمُ، عن أبيه، عن أبي ذر.
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (١/ ١٣) : أول الحديث مرسل، وعن أبي ذر منقطع.
وقال الذهبي: «العلو» (ص ٩١) : هذا مرسل، وعبد الرحمن ضعيف.
(٦) أخرجه النسائي في «الكبرى» (٦/ ٣٠) كتاب «عمل اليوم والليلة» ، باب من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، حديث (٩٩٢٨) .
(٧) الحسين بن بشر الطّرسوسي، عن محمد بن حمير، وحجّاج بن محمد، وعنه النسائي، ووثقه، قال-

<<  <  ج: ص:  >  >>