للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنّه كان يدلي برأيه- أحيانا- في التفسير.

روى الطبرانيّ- بسنده- عن يحيى بن ربيعة الصّنعانيّ قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول في قوله تعالى: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ [النمل: ٤٨] قال: كانوا يقرضون الدّراهم، قيل: كانوا يقصّون منها ويقطعونها «١» .

وقيل لعطاء: إن هاهنا قوما يقولون: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فقال: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً [محمد: ١٧] ، فما هذا الهدى الذي زادهم؟ قلت: ويزعمون أن الصلاة والزكاة ليستا من دين الله، فقال: قال تعالى: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: ٥] فجعل ذلك دينا «٢» .

وتوفّي- رضي الله عنه- سنة أربع عشرة ومائة من الهجرة «٣» .

وبعد:

فهذه هي مدرسة التّفسير بمكّة، تلك التي أسّسها حبر الأمّة عبد الله بن عبّاس، وهؤلاء أشهر شيوخها الذين تخرّجوا فيها على يدي ابن عبّاس، وفي نهاية مطافنا معها نرصد ما يلي:

كان لهذه المدرسة دور ضخم في نشر التفسير، وقد هيأ لها هذا الدّور: نبوغ شيوخها، بالإضافة إلى موطن المدرسة «مكّة» حيث البيت الحرام الذي يأتيه الناس من كلّ فجّ عميق.

لم يكتف شيوخ هذه المدرسة بنشر التفسير في مكّة، وإنما كان لهم دور بالغ الأهمية خارج مكّة فقد كان لسعيد بن جبير رحلة إلى الرّيّ نشر فيها الكثير من العلم «٤» ، وكذلك كان لمجاهد رحلات خارج مكّة، واستقر طاوس باليمن ينشر هناك علم ابن عباس وتفسيره، وأما عكرمة فقد طاف البلاد الإسلاميّة شرقا وغربا إذ رحل إلى خراسان، واليمن، والعراق، والشّام، ومصر، والحرمين «٥» .


(١، ٢) «البداية والنهاية» ٩/ ٣١٨، ٣١٩.
(٣) «المصدر نفسه» ٩/ ٣١٧.
(٤) راجع: «حبر الأمة عبد الله بن عباس» ص ١٤٥.
(٥) راجع: «وفيات الأعيان» ١/ ٣١٩، «معجم الأدباء» ١٢/ ١٨١، «البداية والنهاية» ٩/ ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>