(٢) الشّغار في اللغة: الرفع، من قولهم: شغر البلد عن السلطان، إذا خلا عنه لخلوه عن الصداق، أو لخلوه عن بعض الشرائط. وقيل: مأخوذ من قولهم: شغر الكلب برجله، إذا رفعها ليبول، كأن كلّا من الوليين يقول للآخر: لا تدفع رجل ابنتي حتى أرفع رجل ابنتك. وفي التشبيه بهذه الهيئة القبيحة تقبيح للشغار وتغليظ على فاعله. وأما معناه شرعا، فهو أن يزوج الرجل موليته على أن يزوجه الآخر موليته ليس عنهما صداق. وقد قال عياض عن بعض العلماء: كان الشغار من نكاح الجاهلية يقول: شاغرني وليتي بوليتك، أي عاوضني جماعا بجماع. وقسم علماء المالكية الشغار إلى ثلاثة أقسام: الأول: صريح الشغار، وهو أن يقول الرجل لصاحبه: زوجني ابنتك مثلا على أن أزوجك ابنتي مثلا من غير صداق. الثاني: وجه الشغار، وهو أن يقول له زوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك ابنتي بمائة. الثالث: المركب منهما، وهو أن يقول له: زوجني ابنتك بلا شيء على أن أزوجك ابنتي بمائة، فالصريح هو الخالي من الصداق من الجانبين، والوجه هو المسمى فيه الصداق من الجانبين، والمركب هو المسمى فيه لواحدة دون الثانية. ويحرم الإقدام عليه بجميع أنواعه، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا شغار في الإسلام» . ولما كان المالكية قد قسموا الشغار إلى الأقسام الثلاثة المتقدمة نبين الحكم عندهم في هذه الأقسام: أما صريح الشغار فقالوا: يفسخ مطلقا قبل الدخول وبعده، ولو ولدت الأولاد، ولا شيء للمرأة قبل الدخول، ولها بعده صداق المثل، وأما وجه الشغار، فقالوا: يفسخ قبل الدخول، ولا شيء فيه للمرأة، ويثبت بعده بالأكثر من المسمى وصداق المثل. وأما المركب منهما، فيفسخ قبل الدخول في كل، ولا شيء فيه للمرأة، ويثبت نكاح المسمى لها بعد الدخول بالأكثر من المسمى وصداق المثل، ويفسخ نكاح من لم يسم لها، ولها صداق المثل. وقد اختلف الفقهاء في نكاح الشغار هل هو صحيح أو فاسد وحصر الخلاف في مسألتين: المسألة الأولى: إذا لم يسميا صداقا لواحدة منهما، بل يجعلان بضع كل صداقا للأخرى، وهو المسمى بصريح الشغار. وقد اختلف الفقهاء في صحة هذا النكاح وفساده. فذهب المالكية والحنابلة والظاهرية والشافعية إلى القول بفساد النكاح في هذه الحالة، إلا أن الشافعية كما يفهم مما جاء في كتبهم يقولون: إن محل فساد النكاح في هذه الحالة إذا جعل بضع كل واحدة منهما صداقا للأخرى. وأما إذا لم يجعل بضع كل منهما صداقا للأخرى، فالأصح عندهم الصحة للنكاحين. وذهب الحنفية إلى القول بصحة النكاح، وأنه يجب لكل واحدة منهما مهر مثلها، وحكي هذا عن عطاء، وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري، والثوري. استدل الحنفية ومن معهم بما يأتي: قالوا: لما جعلا بضع كل منهما صداقا للأخرى، فقد سميا ما لا-