للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ع «١» : والآية تتناوَلُ هذه التأويلاتِ الثَّلاثَ، ونِحْلَةَ، أي: عطيَّة منْكم لهُنَّ، وقيل: نِحْلَة: معناه: شِرْعَة مأخوذٌ من النِّحَل، وقيل: التقديرُ: نِحْلَةً مِنَ اللَّه لَهُنَّ قال ابنُ العَرَبِيِّ: وذلك أنَّ النحلة في اللُّغة: العطيَّةُ عنْ غَيْرِ عِوَضٍ. انتهى.

وقوله: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً ... الآية: الخطابُ حَسْبَما تقدَّم مِنَ الاختلاف، والمعنى: إنْ وَهَبْنَ غيْرَ مكرَهَاتٍ، طيِّبةً نفوسُهنَّ، والضميرُ في «مِنهُ» يعود علَى الصَّدَاقِ قاله عكرمةُ وغيره «٢» ، «ومَنْ» : تتضمَّن الجنس هاهنا ولذلك يجوزُ أنْ تهب المَهْر كلَّه.

وقوله تعالى: هَنِيئاً مَرِيئاً: قال اللغويُّون: الطعامُ الهَنِيءُ هو السَّائِغُ المستحسَنُ الحميدُ المَغَّبةِ: وكذلك المريءُ.

وقوله سبحانه: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ، قال أبو موسَى الأشعريُّ وغيره:

نَزَلَتْ في كلِّ مَنِ اقتضى الصِّفَة الَّتي شرط اللَّهُ مِنَ السَّفَهِ، كان من كان «٣» ، وقولُه:

أَمْوالَكُمُ، يريد: أموالَ المخاطَبِينَ قاله أبو مُوسَى الأشعريُّ، وابنُ عبَّاس، والحَسَنُ، وغيرهم «٤» ، وقال ابنُ جُبَيْر: يريدُ أموالَ السُّفَهاء، وأضافها إلى المخاطَبِينَ، إذ هى كأموالهم، وقِياماً جمع قِيمَة «٥» .

وقوله تعالى: وَارْزُقُوهُمْ فِيها ... الآية: قيل: معناه: فيمن تلزم الرّجل نفقته،


- سمى لكل واحدة منهما.
ويرد هذا بأن الأولى فساد نكاحهما معا لتوقف نكاح كل على نكاح الأخرى، كما هو القول الأول.
والنظر في الأدلة ومناقشاتها يقضي بترجيح مذهب من قال بفساد نكاح الشغار مطلقا، سواء أذكر في كل ذلك صداق لكل واحدة منهما أو لإحداهما دون الأخرى أو لم يذكر في شيء من ذلك صداق. وذلك لأن الجميع يصدق عليه شغار، وقد نهى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الشغار، خصوصا أن الشغار كان من أنكحة الجاهلية، فجاء الإسلام بهديه.
(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٨) .
(٢) أخرجه الطبري (٣/ ٥٨٤) برقم (٨٥١٤) بلفظ «المهر» . وذكره ابن عطية (٢/ ٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٢١٢) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.
(٣) وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٢/ ٩) .
(٤) أخرجه الطبري (٣/ ٥٨٨- ٥٩١) ، برقم (٨٥٥٧) ، (٨٥٦٢) عن ابن عباس، وبرقم (٨٥٤٦) عن أبي موسى الأشعري، وبرقم (٨٥٤٣) عن الحسن. وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٢/ ٩)
(٥) أخرجه الطبري (٣/ ٥٩٠) برقم (٨٥٥٩) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٢/ ٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٢١٤) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>