للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى المُنْبِتِ كما قال تعالى: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ [الأعراف: ٥٨] ، فالصعيد عندهم هو الترابُ، وهذه الطائفةُ لا تُجِيزُ التيمُّم بغيره، فمكانُ الإجماع أنْ يتيمَّم في تُرَابٍ منبت طاهر غير منقول، ولا مغصوب، وترتيبُ القرآن الوجْهُ قبل اليدَيْنِ، وبه قال الجمهور، وفي «المدوَّنة» أنَّ التيمُّم ضربتانِ «١» ، وجمهورُ العلماء أنَّه ينتهِي في مَسْح اليدَيْن إلى المرافق «٢» .


- ثم الأرض تنقسم إلى قسمين: تراب، وغير تراب، فأما التراب فالتيمم به جائز كان في موضعه من الأرض أو منزوعا مجهولا في إناء أو ثوب أو على يد إنسان أو حيوان، أو كان في بناء لبن، أو طابية، أو غير ذلك وأما ما عدا التراب من الحصى والحصباء والرخام والرمل والكحل والزرنيخ والجير والجص والذهب والتوتيا والكبريت والملح وغير ذلك، فإن كان شي من هذه المعادن في الأرض غير مزال عنها إلى شيء آخر، فالتيمم بكل ذلك جائز- وإن كان شيء من ذلك مزالا إلى إناء أو ثوب أو نحو ذلك لم يجز التيمم بشيء منه ولا يجوز التيمم بالآجر فإن رض حتى يقع عليه اسم التراب جاز التيمم؟ وكذلك الطين لا يجوز التيمم به، فإن جف حتى يسمى ترابا جاز التيمم به، ولا يجوز التيمم بملح انعقد من الماء كان في موضعه أو لم يكن ولا بثلج ولا بورق ولا يحشيش ولا بخشب ولا بغير ذلك، ممّا يحول بين المتيمم وبين الأرض.
ينظر: «التيمم» لشيخنا جاد الرب.
(١) والأصح عند الشافعي: وجوب ضربتين، وإن أمكن مسح الوجه واليدين بضربة واحدة بأن يأخذ خرقة كبيرة، ويضرب بها التراب، ثم يمسح ببعضها وجهه، وبباقيها يديه.
وإنما كان الأصح وجوب ضربتين لخبر أبي داود، والحاكم: «التيمم ضربتان ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين» .
ينظر: «التيمم» لجاد الرب.
(٢) اختلفوا في القدر الواجب مسحه في اليدين على ثلاثة مذاهب:
الأول: أن الحد الواجب في ذلك هو الحد الواجب بعينه في الوضوء، وهو أن يمسحهما إلى المرفقين.. وبه قال الشافعي في «الجديد» ، ومنصوصات «القديم» وقال به من الأصحاب: ابن عمر، وجابر، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن، وابن سيرين، ومن الفقهاء الليث بن سعد، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة وصاحباه.
والثاني: أن الفرض هو مسح الكف فقط، وبه قال أهل الظاهر، وأهل الحديث. وبه قال مالك أيضا مع استحباب المسح إلى المرفقين، وبه قال من الصحابة ابن مسعود، وابن عباس، ومن التابعين عكرمة، ومكحول، ومن الفقهاء: الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، ورواه أبو ثور عن الشافعي في القديم. وحكاه الزعفراني على أن الشافعي في القديم كان يجعله موقوفا على صحة حديث عمار، ومنصوصه في القديم خلاف هذا.
الثالث: أن الفرض المسح إلى المناكب، وهو مروي عن الزهري.
ولأن الله تعالى أوجب طهارة الأعضاء الأربعة في الوضوء في أول الآية، ثم أسقط منها عضوين في التيمم في آخر الآية، فبقي العضوان في التيمم على ما ذكر في الوضوء، إذ لو اختلفا حدا في التيمم لبينه.
ينظر: «التيمم» لشيخنا جاد الرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>