للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عمرُ بْنُ الخطَّاب وغيره: لا يتيمَّمِ الجُنُبُ ألبتَّة، بل يدع/ الصلاةَ حتى يجد الماء «١» .

وقوله سبحانه: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ... الآية: الإرادة صفَةُ ذاتٍ، وجاء الفعْلُ مستقبلاً مراعاةً للحوادِثِ التي تَظْهَرُ عن الإرادة، والحَرَجُ: الضِّيق، والحرجة: الشَّجرُ الملْتَفُّ المتضايقُ، ويَجْرِي مع معنى هذه الآية قولُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «دِينُ اللَّهِ يُسْرٌ» ، وقوله- عليه السلام-: «بُعِثْتُ بِالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» «٢» ، وجاء لَفْظُ الآية على العُمُومِ، والشَّيْءُ المذكُورُ بقُرْبٍ هو أمر التيمُّمِ، والرُّخْصَة فيه، وزوالُ الحَرَجِ في تحمُّل الماءِ أبداً ولذلك قال أُسَيْدٌ: «مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ» «٣» .

وقوله سبحانه: وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ... الآية: إعلامٌ بما لا يوازى بشكر من عظيم تفضّله تبارك وتعالى، ولَعَلَّكُمْ: ترَجٍّ في حقِّ البَشَرِ، وفي الحديثِ الصحيحِ عن أبِي مالك الأشعريِّ «٤» ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأن، أو تملأ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، وَالصَّلاَةُ نورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، والقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» ، رواه مُسْلِم، والترمذيُّ، وفي روايةٍ له: «التَّسْبِيحُ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأهُ، وَالتَّكْبِيرُ يَمْلأ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ» ، وزاد في رواية أخرى: «وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ لَيْسَ لَهَا دُونَ اللَّهِ حجاب حتّى تخلص إليه» «٥» . انتهى.


(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢/ ١٦٥) .
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ذكره ابن عطية (٢/ ١٦٥) .
(٤) كعب بن مالك، وقيل: كعب بن عاصم قال ابن حجر في الإصابة: قال سعيد البردعي: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول: أبو مالك الأشعري اسمه: عمرو.
تنظر ترجمته في: «الاستيعاب» (٤/ ١٤٤٥) ، «تلقيح فهوم أهل الأثر» (٣٦٧) ، «الكاشف» (٣/ ٣٧٣) ، «الإصابة» (٧/ ١٦٨) ، «تهذيب التهذيب» (١٢/ ٢١٨) ، «الكنى والأسماء» (١/ ٥٢، ١٨٨) ، «تقريب التهذيب» (٢/ ٤٦٨) ، «تهذيب الكمال» (٣/ ١٦٤٣) ، «تجريد أسماء الصحابة» (٢/ ١٩٩) ، «أسد الغابة» (٦/ ٢٧٢) .
(٥) أخرجه مسلم (١/ ٢٠٣) كتاب «الطهارة» ، باب فضل الوضوء، حديث (١/ ٢٢٣) ، والنسائي (٥/ ٥) كتاب «الزكاة» ، باب وجوب الزكاة، وابن ماجة (١/ ١٠٢- ١٠٣) كتاب «الطهارة» ، باب الوضوء شطر الإيمان، حديث (٢٨٠) والدارمي (١/ ١٦٧) كتاب «الصلاة» ، باب ما جاء في الطهور، وأبو عوانة (١/ ٢٢٣) ، وابن أبي شيبة (١/ ٦) والطبراني في «الكبير» (٣/ ٣٢٢) رقم (٣٤٢٣، ٣٤٢٤) والبيهقي (١/ ٤٢) كتاب «الطهارة» ، والبغوي في «شرح السنة» (١/ ٢٥٠، ٢٥١- بتحقيقنا) عن أبِي مالك الأشعريِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، ولا إله إلا الله والله أكبر-

<<  <  ج: ص:  >  >>