(٢) النوع الثاني من الأنواع المخيّر فيها في كفارة اليمين، هي كسوة عشرة مساكين، وهو ما يشير إليه قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ [المائدة: ٨٩] . اتفقت كلمة الفقهاء على أن المكفر إذا أعطى لكل مسكين من العشرة ثوبين فأكثر، كفاه ذلك، وسقطت عنه الكفارة. ولكنهم اختلفوا في أقل ما يعطاه المسكين الواحد: فذهب الشافعي- رضي الله عنه-، وجمهور أهل الظاهر: إلى أن أقل ما يعطاه المسكين الواحد هو ما يطلق عليه اسم الكسوة، كالمنديل، أو العمامة، أو الإزار، ولا يشترط أن يكون صالحا للمعطى، بل جائز أن يعطى ما يصلح للكبير للصغير، وما للرجل للمرأة وبالعكس، كما لا يشترط أن يكون جديدا. وذهب الإمام مالك، وأصحابه إلى أن المجزئ من ذلك ثوب تصح فيه الصّلاة، فإن كان المسكين رجلا وجب أن يعطى ثوبا يستر جميع البدن، وإن كان امرأة وجب أن تعطى ثوبا تستر به جميع بدنها، وخمارا تغطي به رأسها، وفي ذلك يقول مالك في الموطأ: «أحسن ما سمعت في الذي يكفر عن يمينه بالكسوة أنه إن كسا الرجال كساهم ثوبا ثوبا، وإن كسا النساء كساهم ثوبين ثوبين درعا وخمارا وذلك أدنى ما يجزىء كلّا في صلاته» وليس بلازم أن يكون الثوب، أو ما معه جديدا، بل يكفي أن يكون صالحا للبس كما أنه ليس بلازم أن يكون المسكين كبيرا، بل الصغير والكبير في الكسوة سواء. وذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف إلى أن المجزئ من ذلك هو ما يستر البدن، ويسمى به الشخص مكتسيا، وذلك كالقميص، أو الإزار السابخ، أو القباء، أو الكساء أو الملحفة، وخالفهما الإمام محمّد حيث قال: يجزىء من ذلك ثوب تصح فيه الصلاة للرجل والمرأة، فيجوز عنده السراويل للرجل لأنه يسمى لابسا شرعا، ولا يجزىء عندهما لأن لابسه لا يسمى مكتسيا عرفا. وذهب الإمام أحمد إلى أن المجزئ من ذلك ثوب يصح للرجل أن يصلّي فيه، وللمرأة درع وخمار، وقال: لا يجزىء إزار وحده أو سروال. ينظر: «الكفارات» لشيخنا حسن علي حسن الكاشف.