كانت السُّنَّةُ قَبلَهُ نَسْيًا مَنْسيًّا -إلا قليلًا- وكان الحديث غريبًا -حتى بين أهله-! لا يميزون صحيحًا من سقيمِ، ولا مقبولًا من مردودٍ، يستدلُّ الخطباء والفقهاء والمدرسون والوعاظ بما وضع على نبيهم! جهلًا منهم بالأمر والخطب.
فبعث الله تعالى لهذه الأمة على رأس المائة الرابعة عشر من يجدّد لهذه الأمة أمر دينها، فلمع اسم الألباني، فعرفَهُ القاصي والدَّاني، ورحَلَ إليه القريب والبعيد، بل الصديق والعدو.
عاش -رَحِمَهُ اللهُ- من أجل خدمة السُّنَّةِ النبوية، وتمييز صحيحها من سقيمها، ووضع لنفسه مشروعه الكبير:"تقريبُ السُّنةِ بين يدي الأمة"، فألَّف الكتب الكثيرة الفريدة النادرة، وحقَّق الكثير من كتب الحديث تحقيقًا لا يوجد له نظير.
ولعلَّ من أهمّ هذه الكتب:"سلسلتي الأحاديث؛ الصحيحة، والضعيفة"، حيث جمع -رَحِمَهُ اللهُ- كَمًّا هائلًا من الأحاديث النبوية، ومن ثمَّ درس أسانيدها وتتبَّع طرقها، ثم فصل الصحيح منها في سلسلة، والضعيف في السلسلة الأخرى.
فـ-رَحِمَهُ اللهُ- وجزاه عن الدّين كل خير.
ولما كان من أُسُسِ الدين؛ التمسّك والسير على آثار السَّالفين، ومعرفة ما كان عليه أهل القرون الثلاثة الأول، وفهم الكتاب والسنة بفهمهم، والتمسك بهديهم؛ كان لأقوال وآثار أصحاب هذه القرون -وعلى رأسهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أهمية في ديننا، ومنزلة في شرعنا.
فكان من اهتمام العلماء بالسنة أن اهتموا بنقل وحفظ وتدوين آثار الصحابة والتابعين، فهم المبلّغين عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، الكاشفين لما أُبْهِمَ وخَفِيَ من فَهْم سُنَّتِهِ، كما أن السنّةَ مُبَيِّنَةٌ للقرآنِ، فآثارهم وأقوالهم تبيِّن السنة.
ولا شك أنه يجري على آثار الصحابة ما يجري على الأحاديث النبوية؛ من تمحيص أسانيدها والبحث في حال رجالها ورواتها، كي يُنْسَبَ القولُ إلى قائله منهم.
ولمَّا لم يكن لهذه الآثار السَّلفية كتاب جامع ككتب السنة ودواوينها؛ عزمت على جمع ما أقف عليه من الآثار، ثم أُخرِّجُهَا وفق الطريقة المتّبعة في