وأعتقد أن أهل السنة السائرين على طريق الصحابة لا يمكنهم أن يتميزوا عن غيرهم إلا بهذا.
وقد نبَّهَ ابنُ عمر - رضي الله عنه - إلى هذا -وهو مخالفة من بعدهم لهم في فهم القرآن والسنة- فقال:"قاتل الله الخوارج؛ انطلقوا إلى آياتٍ نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين" رواه البخاري.
فإن فَهْمَ الدين مع البعد الزمني عن الصَّدر الأول يعظم خفاؤه، وهذا ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله:"اتخذ الناسُ رؤوسًا جُهّالًا، فأفتوا برأيهم" وهذا لفظ البخاري.
ولا يمكن ردّ هذا الرأي المخالف للدين إلا بالتزام فهم السلف الصالح.
وقد وقفتُ على كتاب أخينا أبي عبد الله الداني بن منير آل زهوي "سلسلة الآثار الصحيحة"، فسرَّني ذلك جدًا؛ لما رأيتُ فيه من جهدٍ مشكور في دراسة الأسانيد دراسة علمية رصينة، والتنبيه على ما فيها من حِكَم وأحكام، من خلال كلام أهل العلم. كما اعتنى بدراسة آثار التابعين الذين أخذوا العلم عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، لقرب عهدهم بنور النبوة، وإن لم يكن لآحادهم ما لآحاد الصحابة من وجوب الإتباع.
وأرجو من الله أن يكون لهذه السلسلة من النفع والقبول ما كان لسابقتها في حديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، للعلامة المحقق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رَحِمَهُ اللهُ-.
وأشدُّ على يدِ أخينا أبي عبد الله في مواصلة هذا العمل، فإن الأمة سيأتي عليها وقت تكون في أشد الحاجة إلى هذا الكتاب المبارك، كما ستكون خدمة عظيمة لأهل العلم الذين يعنون بفهم الصحابة لترجيح أقوال أهل العلم المختلفة. والحمد لله رب العالمين.