والتحسين هو الأقرب؛ للكلام الذي في عكرمة بن عمار -وهو كلام يسير لا يضر- لذا قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "صدوق يغلط".
ومن العلماء والحفاظ من أطلق القول بتوثيقه -وهم كُثر- والله تعالى أعلم.
فقه الأثر:
في هذا الأئر العظيم فوائد ومعانٍ كثيرة وجليلة، منها:
١ - الحرص على الجماعة وعدم الإعتزال عنها، إذ الإعتزال عن جماعة المسلمين من علامات الخوارج كما تقدم من سِمَةِ هؤلاء الخوارج بأنهم اعتزلوا في دارٍ وكانوا ستة آلاف.
٢ - أنه لا يناظر المخالف أو المبتاع أو الضال إلا رجل عالم متمكن، فإن لم يكن أهلًا ولا عالمًا بشبهات المخالفين، ومتمسكًا بالطريق المستقيم، ضابطًا للعلوم وأصولها .. ؛ فلا يناظر.
فأنت ترى أن عبد الله بن عباس وهو حبر الأمة، ومن أبرز فقهاء الصحابة وعلمائهم، قد خاف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه من الخوارج.
ويحتمل الخوف أن يكون هنا: إما لإلحاق الضرر به من قتل أو حبسٍ أو غيرهما.
أو لاحتمال عدم تمكن ابن عباس من مناظرتهم لأجل شبهاتهم، أو أن أمير المؤمنين خاف عليه أن تعلق شبهة من شبه القوم في قلبه .. وكل هذا جائز، والله أعلم بالصواب.
٣ - رأيتَ كيف أن الخوارج الحرورية لم يسلّموا على ابن عباس؛ إنما قالوا:"مرحبًا بك يا ابن عباس"! وهذا من سماتهم -أنهم يحكمون على من خالفهم بالكفر- مهما كانت منزلته، فيعاملونه معاملة الكافر، وعلى هذا جماعات التكفير والهجرة في عصرنا، والله المستعان.
٤ - أن أي قوم أو فرقة أو مذهب أو طائفة لم تكن معتصمة بما كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهي على ضلال وانحراف، أرأيت كيف احتج ابن عباس - رضي الله عنه - على الخوارج بأنهم ما كان فيهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أحد.