فأصول مذاهبهم معتمدة على الحديث والأثر، وبهذا كان ينادي الأئمة. فما كان من تقريراتهم على منهاج الأئمة؛ فهو الحق، وبهذا جصل اتفاقُ الأَتْبَاعِ؛ لأن المشكاة واحدة، وما كان سوى ذلك؛ فهو مَكْمَنُ الخلاف بين الأَتْبَاعِ؛ وبهذا يتبيَّن أن أعلم الناس بالحديث والأثر -سندًا ومتنًا- أسعد بالصواب في كافة أبواب العلم". انتهى كلام شيخنا -حفظه الله تعالى-.
وبهذا يتبين لك أخي المسلم الكريم: أهمية هذا المنهج الربَّاني السديد، وأنه
لا بدّ من الإعتناء بفقه الصحابة، وعلمهم، وهديهم - رضي الله تعالى عنهم -.
وكان من توفيق الله لي: أن يسَّرَ لي وأعانني إلى جمع هذه الآثار السَّلفيَّة، فخرج -بحمد الله وتوفيقه- المجلد الأول من هذه السلسلة المباركة -إن شاء الله-، وتلقّاه أهل العلم وطلابه بالقبول والثناء، والدعاء بالتوفيق والسداد.
وها هو المجلد الثاني يخرج إلى النور -بعد طول انتظار-، فأحمد الله الذي له المحامد كلها. وهو كصنوه الأول؛ يحوي بين دفتيه ثلاث مئة وخمسين أثرَا من آثار الصحابة والتابعين، في أبواب الدين جلها؛ من عقيدة، وأخلاق، وعبادات، ومعاملات ... إلخ.
واعلم -وفقني الله وإياك- أن هذا العمل ليس من خالص فكري، ولا من إنشاء قلمي؛ بل كما ذكرت على غلافه: جمعها وخرَّجها وذكر بعض فوائدها.
فليس لي فيه إلا الجمع والتخريج، وذكر الأسانيد والبحث فيها، وبيان حال رجالها، ونقل كلام أهل العلم، وترتيب المادة، وما يتعلق بذلك.
لذا؛ أدعو أهل العلم وطلابه -الكرام- للمشاركة في الأجر = بالتنبيه، والتصحيح، والتوجيه، والتسديد، كي يكتمل العمل، وتحصل به الفائدة المرجوة - بإذن الله-.
أمَّا عن تساؤل بعض الأخوة الكرام عن سبب إيرادي لأقوال أئمة ليسوا هم من الصحابة ولا التابعين، وهذا ليس على شرط الكتاب؟
فأجيب: بأن هذا قليل في الكتاب، وإنما أُورد بعض الآثار المهمة في بعض الأبواب لأهميتها وفائدتها الكبيرة، وإن كانت ليست على شرط الكتاب؛ فاقتضى التنبيه.
ولا يفوتني في ختام هذه المقدمة أن أشكر كل من نصح وحثَّ على مواصلة هذا العمل، أو أبدى نُصحًا وتوجيهًا وتصحيحًا، ولكل من مدَّ يدَ العون.