للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مَانِي: وأَمَرَ مَلِكُ عَالَم النُّور بَعْضَ مَلائِكَتِه بِخَلْقِ هَذا العَالَم وبِنَائِه من تِلْكَ الأجْزَاء المُمْتَزِجَة لتَخْلُص تِلْكَ الأجْزَاء النُّورِيَّة من الأجْزَاء الظُّلَمِيَّة، فبَنَى عَشَرَ سَمَاوَات وثماني أرَضِين، ووَكَّلَ مَلَكًا بحَمْل السَّمَاوَاتِ وَآخَرَ برَفْعِ الأَرَضِين، وجَعَلَ لَكُلِّ سَمَاءٍ أبْوَابًا اثنِي عَشَر بدَهَالِيزِها عِظَامًا وَاسِعَةً، كلَّ وَاحِدٍ مِن الْأَبْوَابِ بإزَاءِ صَاحِبِه وقُبَالَته، على كلِّ وَاحِدٍ من الدَّهَالِيز مِصْرَاعَان (a)، وجَعَلَ فِي تِلْكَ الدَّهاليز، في كلّ بَابٍ من أبوابها سِتّ عَتَبَات، وفي كلِّ وَاحِدَة من العَتَبَات ثَلاثِين سِكَّة، وفي كلِّ سِكَّة اثْنَى عَشَرَ صَفًّا، وجَعَلَ العَتَبَات والسِّكَك والصُّفُوف، من أعالِيها في عُلُوِّ السَّمَوات. قال: ووَصَلَ الجَوّ بأسْفَل الأرَضين على السَّمَوَات، وجَعَلَ حَوْل هذا العَالَم خَنْدَقًا ليَطْرَح فيه الظَّلامَ الذي يُسْتَصْفَي من النُّور، وجَعَلَ خَلْفَ ذلك الخَنْدَقِ سُورًا لكي لا يَذْهَبَ شَيءٌ من تِلْكَ الظُّلمَة المُفْرَدَة عن النُّور.

قال مَانِي: ثم خَلَقَ الشَّمْسَ والقَمَرَ لاسْتِصْفَاءِ ما في العَالَم من النُّور، فالشَّمْسُ تَسْتَصْفِي النُّورَ الذي اخْتَلَطَ بِشَيَاطِين (الحَرّ، والقَمَرُ يَسْتَصْفِي النُّورَ الذِي اخْتَلَطَ بشَيَاطِين) (b) البَرْد في عَمُود السَّبْح، يَتَصَاعَدُ ذلك مع ما يَرْتَفِعُ من التَّسابِيح والتَّقادِيس والكَلامِ الطَّيِّبِ وأَعْمَالِ البِرّ. قال: فيَدْفَعُ ذلك إلى الشَّمْس، ثم إِنَّ الشَّمْسَ تَدْفَعُ ذلك إلى نُورٍ فَوْقَها في عَالَمِ التَّسْبِيح، فيَسِيرُ في ذلك العَالَم إلى النُّور الأعْلى الخَالِص. فلا يَزَالُ ذلك من فِعْلها حتى يَبْقى من النُّورِ شَيْءٌ مُنْعَقِدٌ لا تَقْدِرُ الشَّمْسُ والقَمَرُ على اسْتِصْفَائِه <فعِنْدَ ذَلِك> (c) يَرْتَفِعُ المَلَكُ الذي كان يَحْمل الأرَضِين، ويَدَع المَلَكَ الآخَر اجْتِذَابَ السَّمَوَات، فيَخْتَلِطُ الأعْلى على الأَسْفَل، وتَفُورُ نَارٌ فتَضْطَرِمُ في تِلْكَ الأشْيَاء، فلا تَزَالُ مُضْطَرِمَةٌ حتى يَنْحَل ما


(a) النَّسَخ: مِصْرَاعين.
(b) هذه العبارة ملحقة بغير الخط في هامش نُسْخَة الأصْل، وبجوارها: صح.
(c) إضافة اقتضاها السياق.