للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فَدَعَا رُوحُ الحَيَاة، الإِنْسَانَ القَدِيم بصَوْتٍ عَالٍ كالبَرْق في سُرْعَةٍ، فكان إلَهًا آخَر.

قال ماني: فلمَّا شَابَكَ إِبْلِيسُ القَدِيم الإنْسانَ القَدِيم بالمُحَارَبَة، اخْتَلَطَ من أَجْزَاءِ النُّورِ الخَمْسَة بأجْزَاءِ الظُّلْمَة الخَمْسَة، فخَالَطَ الدُّخَانُ النَّسيمَ، فمنها هذا النَّسيم المَمْزُوجُ (فما فيه من اللَّذَّة والتَّرْويح عن الأنْفُس وحَيَاة الحَيَوَان فمن النَّسيم، وما فيه من الهَلاك والأدْوَاء فمن الدُّخَان. وخَالَطَ الحَرِيقُ النَّار، فمنها هذه النَّارُ، فما) (a) فيها من الإحْرَاق والهَلَاك والفَسَاد فمن الحَرِيق، وما فيها (b) من الإضَاءه والإنَارَة فمن النَّار. وخَالَطَ النُّورُ الظُّلْمَة، فما فيها من هذه الأجْسَام الكَثِيفَة، مثل الذَّهَب والفِضَّةِ وأشْبَاه ذلك، وما فيها من الصَّفَاءِ والحُسْنِ والنَّظَافَةِ والمَنْفَعَةِ، فمن النُّورِ، وما فيها من الدَّرَن والكَدَرِ والغِلَظِ والقَسَاوَة فمن الظُّلْمَة. وخَالَطَ السَّمُومُ الرِّيح، <فمنها هذه الرِّيح> (c)، فما فيها من المَنْفَعَةِ واللَّذَّةِ فمن الرِّيح، وما فيها من الكَرْبِ والتَّعْوِير والضَّرَرِ فمن السَّمُوم. وخَالَطَ الضَّبَابُ المَاءَ، فمنها هذا الماءُ، فما فيه من الصَّفَاءِ والعُذُوبَةِ والمُلَاءَمَةِ للأَنْفُسِ فمن المَاء، وما فيه من التَّغْرِيق والتَّخْنِيق والإهْلاكِ والثِّقَلِ والفَسَادِ فمن الضَّبَاب.

قال مَانِي: فلمَّا اخْتَلَطَت (d) الأجْنَاسُ الخَمْسَةُ الظُّلَمِيَّة بالأَجْنَاسِ الخَمْسَة النُّورِيَّة، نَزَلَ الإِنْسَانُ القَدِيم إلى غَوْرِ العُمْقِ، فَقَطَعَ أُصُولَ الأَجْنَاسِ الظُّلَمِيَّة لئلَّا تَزيد، ثم انْصَرَفَ صَاعِدًا إلى مَوْضِعِه في النَّاحية الحَرْبِيَّة (e).

قال: ثم أمَرَ بَعْضَ المَلائِكَة باجْتِذَابِ ذلك المِزاج إلى جَانِبٍ من أَرْضِ الظُّلْمَة تَلِي أرْضَ النُّور، فعَلَقُوهم بالعُلُوّ، ثم أقَامَ مَلَكًا آخَرَ فَدَفَعَ إليه تلك الأجْزَاء المُمْتَزِجَة.


(a) الأصْل: بما.
(b) الأصْل: فيه.
(c) زيادة اقتضاها السِّياق.
(d) الأصْل وليدن: اختلط.
(e) الأصْل: بدون نقط.