للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمَيْتُ إِذَا مَاتَ منهم بقي في مَنْزِلِهِ في نَقْرٍ من خَشَبٍ سَنَةً، ثم حينئذٍ دُفن في ضَرِيحٍ بلا لحَدْ، ويُطالبُ أهْلُه ومُخَلِّفُوه بالمُصِيبَة والحُزْن ثَلاث سِنِين وثَلاثة أشْهُر وثَلاثَة أيَّام وثَلاث سَاعَات، فمن رُئي غير حَزِين ضُرِبَ رَأْسُهُ بالخَشَب وقيل له أنْتَ قَتَلْته. ولا يُدْفَنُ المَيِّتُ إلَّا في الشَّهر الذي وُلِدَ في مِثْلِه وفي اليوْم والسَّاعة.

وإذا تَزَوَّجَ الوَاحِدُ مِنَّا إليهم، وأرَادَ الانْصِرَافَ، قِيلَ له: دَعِ الأَرْضَ وخُذِ البَذْرَ. فَإِنْ أَخَذَ المَرْأَة سِرًّا وظَهَرَ عليه، أُغرم غُرْمًا له مَبْلَغ قد اصْطَلَحُوا عليه، وحُبِسَ ورُبَّما ضُرِبَ.

ولا يُوَلِّي المَلِك عَامِلا ولا أمِيرًا إلا وله أرْبَعُون سَنَةً لا أُقَلَّ من ذَلك. والعَدْلُ بها أكثر وأظْهَر منه في سَائِر بِلادِ الأَرْض. ولا يَدْخُلُها ولا يَخْرُجُ عنها إِلَّا مَنْ وَقَفَ عليه في مائة مَوْضِع وأكْثَر، بحسب المَسِافَة.

واليَوْمُ الذي يُحْمَلُ فيه المَيِّتُ إلى قَبْرِه، يُزَيَّنُ الطَّرِيقُ بأَنْوَاعِ الدِّيبَاج والحَرِير، بحَسَبِ حَالِ المَيِّت وعِظَمِ قَدْرِه، فإذا عَادُوا أَنْهَبُوا ذلك منْ يَتْبَعُهُم.

والصِّينُ تَدْعِي أَنَّها من التغزْغُز (١)، وبلاد التغزغُز مُتَاخِمةٌ للصِّين، وبين التِّبِت وبين الصِّين وَادٍ لا يُدْرَكُ غَوْرُه ولا يُعْرَفُ قَعْرُهُ، مَهُولٌ مُوحِش، من جَانِبِه المَغْرِبيّ إلى جَانِبِه المَشْرِقِيّ نحو خمس مائة ذِرَاع، وعليه جِسْرٌ من عُقَبٍ، عَمِلَتْه حُكَمَاءُ


(١) التَّغُزْغُز (الطُّغُزْغُز). هم أصحاب مدينة كُوشان، وهي مملكةٌ بين خُرَاسَان والصِّين، يقول المَسْعُودِي: "وليس في أجْنَاس التُّرْك وأنْوَاعها في وَقْتِنَا هذا - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة - أشَدُّ منهم بأسًا ولا أكثر شَوْكَةً ولا أَضْبَط مُلكًا، وملكهم أُيْغُرْخَان ومَذاهبهم مَذاهِبُ المنَّائية، وليس في التُّرْك من يَعْتَقِد هذا المذهب غيرهم" (مروج الذهب ١: ١٥٥، ١٦١ - ١٦٢؛ وكذلك. B . P art. Toghuzghuz X، pp. ٥٩٦ - GOLDEN، EI ٩٨) .