للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمَّدُ بن إسْحَاق (a): فأَمَّا الذي يُقَارِبُ الحَقَّ وَتَكَادُ النَّفْسُ تَقْبَلُه، فَذَكَرَ الثِّقَةُ، أَنَّ الكَلَامَ العَرَبِيَّ بلُغَةِ حِمْيَر وطَسْم وجَدِيس وإِرَم وحَوْيَل، وهؤلاء (b) هم العَرَبُ العَارِبَة. وأنَّ إِسْمَاعِيلَ (c) لمَّا حَصَلَ في الحَرَم ونَشَأ وكَبِرَ، تَزَوَّج في جُرْهُم إلى (d) مُعاوِيَة بن مُضَاض الجُرْهُمِيّ، فهم أَخْوَالُ وَلَدِه، فتَعَلَّمَ كلامَهُم.

ولم يَزَل وَلَدُ إسْماعيل على مَرِّ الزَّمَانِ يَشْتَقُّونَ الكَلَامَ بَعْضَه من بَعْضٍ ويَضَعُون للأشْيَاء أَسْمَاءَ كثيرَة بحَسَبِ حُدُوثِ الأَشْيَاءِ المَوْجُودَات وظُهُورِها. فلمَّا اتَّسَعَ الكَلامُ ظَهَرَ الشِّعْرُ الجَيِّدُ الفَصِيحُ في العَدْنانِيَّة، وكَثُرَ هذا بعد مَعَدّ بن عَدْنَان. ولكُلِّ قَبِيلَةٍ من قَبائِل العَرَبِ لُغَةٌ تَنْفَرِدُ بها وتُؤْخَذُ عنها، وقد اشْتَرَكُوا في الأصْل.

قالَ: وإِنَّ الزِّيَادَةَ في اللُّغَةِ امْتَنَعَ العَرَب منها [مُذْ بَعَثَ اللَّه نَبِيَّه ] (e) لأجْلِ القُرْآن.

ومِمَّا يُصَدِّقُ ذلك <ما> رَوَى مَكْحُولٌ (١) عن رِجَالِه أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ الْكِتَابَ العَرَبي نَفِيسُ ونَصْرُ وتَيْمُ ودَوْمَة، هؤلاء وَلَدُ إسْماعيل وَضَعُوه مُفَصَّلًا، وفَرَّقَه قادُور ونَبْت بن هَمَيْسع بن قادُور. قال: وإِنَّ نَفَرًا من أَهْلِ الْأَنْبَارِ من إِيَادٍ القَدِيمَة وَضَعُوا حُروفَ: ألف. ب. ت. ث. وعنه أَخَذَتْهُ العَرَبُ (٢).


(a) توجد إضافةٌ في ك ١ بغير خَطِّ النُّسْخَة: صاحب المغازي، وهو وَهْم.
(b) الأصل: فهؤلاء.
(c) إضافة من ك ١.
(d) ب: آل.
(e) ب: بعد بَعْث النَّبِيّ صلَّى الله عليه.