للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبها. ورأى النَّدِيمُ بالمَوْصِل كذلك نَيِّفًا وعشرين جُزْءًا من "شِعْر أبي العَتَاهِيَة" أَنْصَافِ الطَّلْحِيّ بخَطِّ ابن عَمَّار الثَّقَفِي كاتِب شِعْر المُحْدَثِين [١: ٥٠٣]، وكُتُبَ إصْطَفَن الرَّاهِب في الكِيمْيَاء [٢: ٤٦٢ - ٤٦٣]، كما الْتَقَى بِشَخْصٍ يُعْرَفُ بالزَّجَّاج مُعَلِّم وَلَد نَاصِر الدَّوْلَة لا يَعْرِفُ له كتاب.

ومن المؤكَّد أنَّ النَّديمَ لم يَعْتَمِد في ذِكْر قَوَائِم الكُتُبِ التي أَوْرَدَها في كتابه على ما كان مُتَدَاوَلًا فَقَط في سُوقِ الوَرَّاقِين، وإِنما تَعَرَّفَ عليها كذلك من خِلالِ تَرَدُّدِه على العَدِيد من خَزَائِن الكُتُب العَامَّة والخَاصَّة الغَنِيَّة التي كانت تَزْخَرُ بها بَغْدَادُ، دَار الخِلافَة الإسلامية، وسَائِر مُدُنِ العِرَاق الأخرى، مثل: بَقَايا كُتُب خِزَانَة الحِكْمَة (المأمُون) ببَغْدَاد [١: ١٣، ٥١؛ ٢: ٢٣٤، ٢٣٥]، وخزَانَة كُتُب عليّ بن أحمد العِمْرَاني بالمَوْصِل، السَّابِق الإِشَارَة إليها، وخِزَانَةِ كُتُب محمد بن الحُسَيْن ابن أبي بَعْرَة بمَدِينَة الحَدِيثَة، قُرْب المَوْصِل، والذي قال عنه النَّدِيمُ: "جَمَّاعَةٌ للكُتُبِ، له خِزَانَةٌ لم أرَ لأَحَدٍ مِثْلَها كَثْرَة" [١: ١٠٦] رأى في جُمْلَتها مُصْحَفًا بخَطّ خَالِد بن أبي الهَيَّاج، ومن خُطُوطِ العُلَمَاء في النَّحْو واللُّغَة مثل: أبي عَمْرو بن العَلاء وأبي عَمْرو الشَّيْبَاني والأصْمَعِيّ وابن الأعْرَابي وسِيبَوَيْه والفَرَّاء والكِسَائي، ومن خُطُوطِ أَصْحَابِ الحَدِيث مثل: سُفْيَان بن عُيَيْنَة وسُفْيَانِ الثَّوْرِيّ والأَوْزَاعِيّ؛ [١: ١٠٧]؛ وخِزَانَةِ كُتُبِ ابن حَاجِب النُّعْمَان التي قال عنها: "ولم تُشَاهَد خِزَانَةٌ للكُتُبِ أحْسَن من خِزَانَتِه، لأنَّها كانت تَحْتَوي على كُلِّ كتاب عَيْنٍ ودِيوَان فَرْدٍ بخُطُوط العُلَمَاءِ المَنَّسُوبَة". فقَد وَجَّه النَّديمُ عِنَايَتَه إلى "جَمْعِ كُتُبِ جَمِيعِ الأُمَم من العَرَبِ والعَجَم المَوْجُود منها بلُغَةِ العَرَب وقَلَمها … مُنْد ابْتِدَاءِ كُلِّ عِلْمٍ اخْتُرِعَ إِلى عَصْرِه هو". وبالطَّبْع فإِنَّ قِسْمًا كبيرًا من هذا الإنْتَاج لم يكن مُتَوَافِرًا في سُوقِ الوَرَّاقِين في عَصْرِه، واعْتَمَدَ في ذكره على مُحَاوَلات سَابِقَة وقَوائم أعَدَّهَا بعضُ المُهْتَمِّين وعلى ما احْتَوَت عليه هذه الخَزَائن الغَنِيَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>