وهي حَرِيصَةً على الحفاظ على هذا الأسَاسِ في عَمَلِها في المُسْتَقْبل إِنْ شَاءَ الله.
والكِتابُ الذي تُقَدِّمُهُ اليوم ليس جديدا على القُرَّاء والدارسين، فهو كِتَابُ "الفِهْرِست في أَخْبَارِ العُلَمَاءِ المُصَنِّفين من القُدَمَاءِ والمُحْدَثين وأَسْمَاءِ ما صَنَّفُوهُ من الكُتُب" لأبي الفَرَج محمد بن أبي يَعْقُوب إِسْحَاق النَّدِيم الوَرَّاق، المتوفى سنة ٣٨٠ هجرية / ٩٩٠ ميلادية. ولعل أول ما يُقَالُ عن كتاب "الفهرست" هذا إنَّه كِتَابٌ مُؤَسِّسٌ فِي حَرَكَة رَصْدِ الإنتاج الفكري العربي الإسلامي وإسهامات العُلَمَاء المُسْلِمِين في الحَضَارَة الإِنْسَانية، وهي حَرَكَةٌ قد اسْتَمَرَّت فيما بَعْد، وتَعَاقَبَ عليها العُلَمَاءُ والمُؤَرِّخون، ورَفَدَها المُفَهْرِسُون بذَخائر نَفِيسَة.
ولقد طُبعَ هذا الكِتابُ من قَبْل عِدَّة مَرَّاتٍ، غير أَنَّ مُؤَسَّسَةِ الفُرْقَانِ أَحَبَّت أنْ تُقَدِّمَ هذه الطَّبْعَة المُحَقِّقَة للكتاب، تَرْجِعُ فيها إلى أُصُولِه الخَطِّيَّة التي وَصَلَت إلينا، وأهمها النُّسْخَة المَنْقُولَة من دُسْتُورِ المُؤَلِّف الذي كَتَبَه بخَطِّه والمُوَزَّعَة الآن بين مكتبتي شيستربيتي بدبين وشهيد علي باشا بإستانبول، وتَرْجِعُ إلى نُقُولِ النَّدِيم في مَصَادِرِها التي وَصَلَت إلينا وكذلك نُقُولِ المُتأخِّرين عن النَّديم، وتُشِيرُ فيها إلى ما وَصَلَ إلينا من الكتب التي أتى على ذِكْرِهَا النَّديم وأماكن وُجُودِها في المَكْتَبَات العَالَمِيَّة وكذلك إلى ما نُشِرَ منها وأماكن نَشْرِه. وقد عَهِدَت بهذا العَمَلِ إلى الدكتور أيمن فؤاد سيد، فعَكَفَ عليه لتخرج في هذه الصورة التي نأمل أن تُكْمِلَ الفَائِدَة، فيُسَرُّ بها العَالِمُ، ويَسْتَفِيدُ منها البَاحِثُ. ونَدْعُو الله تعالى أنْ يُوَفِّقَنَا إِلى نَشْرِ المَزِيدِ من كُنُوزِ حَضَارَتِنَا الثّرِيَّة المِعْطَاءَة.