للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مَنْ يُريدُ أنْ يَقْرَأ على المُبَرِّد يَعْرِضُ عليه أوَّلًا ما يُرِيدُ أَنْ يَقْرَأه. ثم ارْتَفَعَ الزَّجَّاجُ وصَارَ مع المُعْتَضِد يُعَلِّم أوْلادَهُ، ومع عبيد الله بن سُلَيْمان أوَّلًا. وكان سَبَبُ اتِّصَالِه بالمُعْتَضِد أَنَّ بَعْضَ النُّدَمَاءِ وَصَفَ للمُعْتَضِدِ كِتَابَ "جَامِع النُّطْق" (a) الذي عَمِلَه مَحْبَرَةُ النَّدِيم، واسْمُ مَحْبَرَةَ محمَّد بن يحيى بن أبي عَبَّاد، ويُكْنى أبا جَعْفَر. واسْمُ أبي عَبَّاد جَابِر بن زَيْد بن الصَّبَّاح العَسْكَرِيّ. وكان حَسَنَ الأدَبِ، ونَادَمَ المُعْتَضِدَ. وجَعَلَ كِتَابَه جَدَاوِلَ (b)، فأَمَرَ المُعْتَضِدُ القاسِمَ بن عُبَيْد الله أنْ يَطْلُبَ مَنْ يُفَسِّر تلك الجَدَاوِل. فبَعَثَ إِلى ثَعْلَبٍ وعَرَضَه عليه، فلم يَتَوَجَّهْ إلى حِسَابِ الجَدَاوِل، وقال: "لَسْتُ أعْرِفُ هذا، فإِنْ أَرَدْتُم "كِتَابَ العَيْن" فمَوْجُودٌ ولا رِوَايَةَ له". ثم كَتَبَ إلى المُبَرِّد أنْ يُفَسِّرَها، فأَجَابَهُم بِأَنَّه كِتَابٌ طَوِيلٌ يَحْتَاجُ إلى شُغْلٍ وتَعَب، وأنَّه قد أَسَنَّ وضَعُفَ عن ذلك، فإِنْ دَفَعْتُمُوها إلى صَاحِبي إبراهيم بن السَّرِيّ رَجَوْتُ أَنْ يَفِي بذلك. فتَغَافَلَ القَاسِمُ عن مُذَاكَرَة


(a) عند القفطي (٢٣٢:٣). جَامِع المَنْطِق.
(b) عند ياقوت بعد ذلك: رَجَع الكلامُ إلى اتِّفَاقِهما.