للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُعْتَضِد والزَّجَّاج حتى أَلَحَّ عليه المُعْتَضِدُ، فَأَخْبَرَه بقَوْلِ ثَعْلَب والمُبَرِّد، وأنَّه أَحالَ على الزَّجَّاج. فقَدَّمَ إليه بالتَّقدُّم إلى الزَّجَّاج بذلك، ففَعَلَ القَاسِم. فقال الزَّجاجُ: "أنا أعْمَل ذلك على غير نُسْخَةٍ ولا نَظَرٍ في جَدْوَل"، فأَمَرَهُ بِعَمَل الثُّنائِيّ، فاسْتَعَارَ الزَّجَّاجُ كُتُبَ اللُّغَة من ثَعْلَب والسُّكَّريّ وغيرهما - لأنَّه كان ضَعِيفَ العِلْم باللُّغَة - فَفَسَّرَ الثُّنائِيّ كُلَّه، وكَتَبَهُ بخَطِّ التِّرْمذِيّ الصَّغير أبي الحَسَن (١)، وجَلَّدَهُ وحَمَلَهُ إلى الوزير. وحَمَلَهُ الوَزيرُ إلى المُعْتَضِد، فاسْتَحْسَنَه وأَمَرَ له بثلاث مائة دينار. وتَقَدَّم إليه بتَفْسِيرِه كلِّه، ولم يَخْرُج لما عَمِلَه الزَّجَّاجُ نُسْخَةٌ إلى أَحَدٍ، إِلَّا إلى خِزَانِة المُعْتَضِد ووَزيره (٢).

قال محمَّدُ بن إسْحَاق: ثم ظَهَرَ في نَكَبَاتِ السُّلْطانِ هذا التَّفْسِيرُ مُتَقَطِّعًا، ورَأَيْنَاهُ وهو في طَلْحِيٍّ لَطِيف. قال: وصَارَ للزَّجَّاج بهذا السَّبَبِ مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ، وجُعِلَ له رِزْقٌ في النُّدَمَاءِ ورِزْقٌ في الفُقَهَاءِ ورِزْقٌ في العُلَماءِ نحو ثلاث مائة دِينَار (٣).

وتُوفِّي الزَّجَّاجُ يوم الجُمُعَة لإحْدَى عَشْرَة لَيْلَةً بَقِيَت من جُمادَى الآخِرة سَنَة عَشْرٍ وثلاث مائة (٤).

وله من الكُتِبِ: "كِتَابُ ما فَسَّرَه من جَامِعِ النُّطْق". كِتَابُ "مَعَانِي القُرْآن". "كِتَابُ الاشْتِقَاق". "كِتَابُ القَوَافِي". "كِتَابُ العَرُوض". "كِتَابُ الفَرْق". كِتَابُ "خَلْقِ الإِنْسَان". كِتَابُ "خَلْق الفَرَس". "كِتَابُ مُخْتَصَر نَحْو".


(١) انظر فيما يلي ٢٤٥، أبا الحَسَن محمد بن محمد التَّرْمِذي الصَّغير.
(٢) ياقوت: معجم الأدباء ١: ١٤٩ - ١٥٠ (عن النديم)؛ القفطي: إنباه الرواة ١: ١٦٤، ٣: ٢٣٢.
(٣) نفسه ١: ١٥٠ (عن النَّديم)؛ نفسه ٣: ٢٣٣.
(٤) ويقال سنة ٣١١ هـ / ٩٢٣ م أو ٣١٦ هـ / ٩٢٨ م. (الزبيدي: طبقات النحويين ١١٢؛ القفطي: إنباه الرواة ١: ١٦٣).