المَقَالَاتُ تُطابِقُ المَقَالات السَّابِعَة إلى العَاشِرَة من الكتاب"، ثم أضَافَ: "ولَعَلَّ ابنَ النَّديم كان كِتابُه في الأصْلِ على هذه المَقَالَات ثم جَعَلَ كِتَابَه شَامِلًا لكلِّ الفنونِ فأضَافَ إليها المَقَالَات السِّتّ الأولى، وصَارَ بذلك في عَشْرِ مَقَالات" (١).
ولكنَّ مُرَاجَعَةً متأنِّيَةً للنَّصِّ الوَارِدِ في هذه النُّسْخَة يُثْبِتُ أَنَّهَا مُجَرَّدُ انْتِقَاءٍ قَامَ به شَخْصٌ آخَرُ غير النَّديم - رُبَّما بناءً على طَلَبِ عَالِم لم يُعَيِّنه - ليَسْتَخْلِصَ في مُجَلَّدٍ وَاحِدٍ ما ذَكَرَهُ النَّدِيمُ عن الفَلْسَفَة والعُلُوم والكُتب المُتَرْجَمَة والاعْتِقَادَات القَديمة. واحْتَفَظ نَاسِخُ النُّسْخَة التي وَصَلَت إلينا - واسْمُهُ يُوسُف بن مَهَنَّا بن مَنْصُور - بالفَنِّ الأوَّل من المَقَالَة الأولى وفيه اقْتِصَاصُ ما يَحْتَوي عليه الكتابُ، ليكون مَدْخَلًا له بَعْد تحْوِيره ليَشْتَمِل فقط على المَقَالَات الأرْبَع الأخِيرَة، بحيث أصْبَحَت المَقَالَةُ السَّابِعَة هي المَقَالَة الأولى والمَقَالَةُ العَاشِرَة هي المَقَالَةَ الرَّابِعَة، وحَوَّلَ اقْتِصَاص ما يحتوي عليه الكتاب ليُنَاسِب هذا التَّعْدِيل فأَصْبَحَ: "هذا فِهْرِسْت كُتُبِ العُلُوم القَدِيمَة من تَصانِيف اليُونَان والفُرْس والهِنْد" بَدَلًا من "هذا فِهْرِسْت كُتُب جَمِيع الأُمَم من العَرَبِ والعَجَم" واحْتَفَظَ يبَقِيَّة المُقَدِّمَة وتأريخ تَحْرِيرِها، وضَمَّ الفَنَّ الأوَّل من المَقَالَة الأولى بعد تَعْديله إلى المَقَالَة الأولى في تَرْتيبه فأَصْبَحَت بذلك في أَرْبَعَة فُنُونِ بَدَلًا من ثَلاثَة.
وفَاتَ المُنْتَقِي مع ذلك أنْ يُعَدِّلَ بَعْضَ العِبَارَات الاسْتِطْرادية التي يُحِيلُ فيها النَّدِيمُ إلى المَقَالَات الأولى للكِتَاب وتَرَكها على حَالِهَا دون حَذْفٍ أو تَعْدِيل. فنَقْرَأ في ترجمة يحيى بن أبي مَنْصُور:[المخطوط، ورقة ٤٥ ظ، ٢: ٢٣٧] "وقد اسْتَقْصَيْتُ ذكره في مَوْضِعه"، وقد مَرَّ بالفِعْل في الفَنِّ الثَّالِث من المَقَالَةَ الثَّالِثَة من أصْلِ الكتاب [١: ٤٥٩]. وفي تَرْجَمَة أبي العَنْبَس الصَّيْمَرِيّ [المخطوط، ورقة ٤٧ ظ، ٢: ٢٤٥]: "وقد مَرَّ ذِكْرُهُ مُسْتَقْصًى"، وهو قد مَرَّ بالفِعْل في المَقَالة نَفْسِها
(١) فؤاد سيد: مقدمة طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل، صفحة ز هـ ١.