للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنَظَرَ فيه، وهو يَمْشي حتى يَبْلُغَ المَوْضِعَ الذي يُريدُه ثم يَصْنَعُ مِثْل ذلك إِذا رَجَعَ إلى أَنْ يَأْخُذَ مَجْلِسَه؛ وأَمَّا إِسْماعيل بن إِسْحَاق فَإِنِّي مَا دَخَلْتُ عليه قَطّ إِلَّا وفي يَدِه كِتَابٌ يَنْظُرُ فيه أو يُقَلِّبُ الكُتُبَ لطَلَبِ كِتَابٍ يَنْظُرُ فيه" (١).

حَدَّثنا أبو عُبَيْد الله قال، أَخْبَرَني محمَّد بن يحيى قال، سَمِعْتُ أبا مُوسَى الهَاشِمِي يَقُولُ، قال الجَاحِظُ: "أنَا قَرِيبٌ من سِنِّ أبي نُوَاس وأنا أَسَنُّ من الجَمَّاز" (٢). وكان الجَاحِظُ يَخْلُفُ إبراهيم بن العَبَّاس الصُّولِي على دِيوانِ الرَّسَائِل زَمَانًا.

قال الصُّولِيُّ: حَدَّثني أحْمد بن يَزِيد المُهَلَّبِيّ عن أبيه قال: قال المُعْتَرُّ: "يا يَزيد، وَرَدَ الخَبَرُ بمَوْتِ الجَاحِظ فقُلْتُ: "لأمير المُؤْمِنين طُولُ البَقَاءِ ودَوَامُ العِزِّ". قال: وذلك في سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومائتين (٣). فقال المُعْتَز: "لقد كُنْتُ أَحِبُّ أنْ أُشْخِصَهُ إليَّ وأَنْ يُقِيمَ عِنْدي". فقلتُ له: "إِنَّه كان قَبْلَ مَوْتِه عَطِلًا بالفَالِج" (٤).

حَدَّثَني أبو الحَسَن عليُّ بن محمّد المَعْرُوف بابن أبي جَعْفَر، قال الجَاحِظُ يَوْمًا لمُتَطَبِّبٍ وهو يَشْكُو إليه عِلَّتَه: "اصْطَلَحَت الأَضْدَادُ على جَسَدِي، إِنْ


(١) سَبَقَ أَنْ ذَكَرَ النَّديمُ هذا الخَبَرَ (فيما تقدم ٣٦١) برواية أبي هِفَّان عبد الله بن أحمد العَبْدي، وانظر كذلك ياقوت: معجم الأدباء ١٦: ٧٥ (في ترجمة الجاحظ).
(٢) ياقوت: معجم الأدباء ١٦: ٧٤ (عن المَرْزُباني). والجَمَّازُ هو أبو عبد الله محمد بن عمرو بن حَمَّاد المعروف بالجَمَّاز البَصْري. كان ابن أخي سَلْم الخَاسِر ومن تلامِذَة أبي عُبَيْدَة. عاشَ في البَصْرَة وزَارَ بَغْدَاد. وكان شاعرًا مُفْلقًا مطبوعًا، تُوفِّي نحو سنة ٢٥٥ هـ / ٨٩٦ م. (ابن المعتز: طبقات الشعراء ٣٧٣ - ٣٧٥؛ الجاحظ: الحيوان ١: ١٧٤ - ١٧٥؛ الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السَّلام ٤: ٢١١ - ٢١٢؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٤: ٢٩١ - ٢٩٣؛ F. SEGIN GAS II، pp. ٥٠٨ - ٩).
(٣) نفسه ١٦: ١١٤.
(٤) الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السلام ١٤: ١٣١ (عن المَرْزُباني).