للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦ - توجيه الأدلة: وقد وجه الفريق القائل بعدم الوجوب أدلته على النحو التالى:

أولًا: فى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية.

أمر بالغسل والمسح مطلقًا عن شرط النية، ولا يجوز تقييد المطلق إلا بدليل (١).

ثانيًا: فى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِى سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (٢) الآية.

نهى الجنب عن قربان الصلاة إذا لم يكن عابر سبيل إلى غاية الاغتسال مطلقًا عن شرط النية، فيقتضى انتهاء حكم النهى عند الاغتسال المطلق، وشرط الغسل مقترنًا بالنية - فيه مخالفة للكتاب (٣).

ثالثًا: إن الأمر بالوضوء فى الآية: إنما هو الحصول للطهارة كما فى آخر آية الوضوء {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} وحصول الطهارة لا يقف على النية، بل على استعمال المطهر فى عمل قابك للطهارة، والماء مطهر لما روى عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إن الماء لا ينجسه شئ، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه" (٤).

وقال اللَّه تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (٥) والطهور اسما للطاهر فى نفسه المطهر لغيره، والمحل قابل. وبه تبين أن الطهارة عمل الماء خلقة. ونية الإنسان فضل فى الباب حتى لو انهال عليه المطر أجزأه عن الوضوء والغسل، فلا يشترط لها النية إذ اشتراطها لاعتبار الفعل الاختيارى. وبه تبين أن اللازم للوضوء معنى الطهارة دون معنى العبادة؛ لأن معنى العبادة فيه من الزوائد فإن اتصلت به النية يقع


(١) بدائع الصنائع ١/ ١٩.
(٢) سورة النساء آية: ٤٣.
(٣) بدائع الصنائع: ١/ ١٩.
(٤) أخرجه ابن ماجه فى باب الطهارة من حديث أبى أمامة. وفى الزوائد: إسناده ضعيف، قال السندى: الحديث بدون الاستثناء رواه النسائى وأبو داود والترمذى من حديث أبى سعيد الخدرى.
(٥) سورة الفرقان الآية: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>