للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونقل عن أبي حنيفة وزفر أن الأيم هنا: كلل امرأة لا زوج لها، بكرًا كانت أم ثيبًا كما هو مقتضاه في اللغة، قالا: فكل امرأة بلغت فهي أحق بنفسها من وليها، وعقدها النكاح على نفسها صحيح، وليس الولي من أركان صحة النكاح، بل من تمامه، وقال أبو يوسف ومحمد: يتوقف صحة النكاح على إجازة الولي.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: أحق بنفسها من وليها، قال القاضي عياض (١): يحتمل من حيث اللفظ أن المراد: أحق من وليها في كل شيء من عقد وغيره، كما قاله أبو حنيفة وداود، ويحتمل أنها أحق بالرضى، أي لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر، كما قاله الجمهور، لكنه إن صح قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا نكاح إلا بولي" مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني.

ولفظ "أحق" هنا للمشاركة، معناه أن لها حقًّا، ولوليها حقًّا، وحقها أوكد من حقه، فإنه لو أراد أن يزوجها كفؤًا وامتنعت لم تجبر، ولو أرادت أن تتزوج كفؤًا فامتنع الولي أجبر، فإن أصر زوَّجها القاضي، فدل على تأكد حقها ورجحانه، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والبكر تستأذن" وفي الحديث الذي قبله "ولا تنكح البكر حتى تستأذن" فاختلفوا فيه: فقال الشافعي، وجماعة الاستئذان في البكر مأمور به، ولو كان الولي أبًا أو جدًّا كان الاستئذان مندوبًا إليه، ولو زوجها من غير استئذان صح، لكمال شفقته، وإن كان غيرهما من الأولياء وجب الاستئذان ولم يصح بدونه، وقال أبو حنيفة وجماعة يجب الاستئذان في كل بكر بالغة.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذنها صماتها" هو؛ بضم الصاد: السكوت. (٢)

- ويروى: "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر".


(١) إكمال المعلم (٤/ ٥٦٦ - ٥٦٧).
(٢) انظر المنهاج للنووي (٩/ ٢٩٢ - ٢٩٣).