الله إباحتهن بهذه الآية، والمراد بالمحصنات هنا: المزوجات، ومعناه والمزوجات حرام على غير أزواجهن، إلا ما ملكتم بالسبي، فإنه يفسخ نكاح زوجها الكافر، وتحل لكم، وهذا متفق عليه إذا سبى أحد الزوجين دون الآخر.
أما إذا سبيا معًا فذهب الشافعي ومالك وطائفة إلى ارتفاع النكاح، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أباح وطئهن بعد الاستبراء من غير تفصيل بين ذات زوج وغيرها وبين من سبيت مع زوجها أو وحدها، وقد قيل أنه كان في ذلك السبي كل هذه الأنواع، وقالت الحنفية إذا سبيا معًا فهما على النكاح.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا انقضت عدتهن أي إذا انقضى استبراؤهن، بوضع الحمل من الحامل، وبحيضة من الحائل كما جاءت به الأحاديث الصحيحة، واعلم أن الشافعي وجماعة ذهبوا إلى أن المسبية من عبدة الأوثان وغيرهم من الكفار الذين لا كتاب لهم، لا يحل وطؤها بملك اليمين حتى تسلم، وهؤلاء السبايا كنّ من مشركي العرب عبدة الأوثان، فيتأول هذا الحديث وشبهه على أنهن أسلمن.
واختلف العلماء في الأمة إذا بيعت وهي مزوجة مسلمًا هل ينفسخ النكاح وتحل لمشتريها أم لا؟ فقال ابن عباس: ينفسخ لعموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، وقال سائر العلماء: لا ينفسخ، وخصوا الآية بالملوكة بالمسبيات، وظاهر الآية مع ابن عباس لأن السبب لا يخصص، لكن ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير بريرة بعد الشراء وهذا يخصص الكتاب، عند من يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد. (١)