للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فرضي القوم وقبلوا الأَرش. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله مَنْ لو أقسم على الله لأبره".

قلت: رواه البخاري في مواضع منها في تفسير سورة المائدة بهذا اللفظ ومسلم في الحدود بلفظ آخر، كلاهما من حديث أنس (١) ولفظ مسلم: أن أخت الربيع أم حارثة، جرحت إنسانًا، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "القصاص القصاص" فقالت أم الربيع: يا رسول الله أيقتص من فلانة؟ لا يقتص منها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله يا أم الربيع القصاص كتاب الله" قالت: لا والله لا يقتص منها أبدًا، قال: فما زالت حتى قبلوا الدية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" وهذه الرواية مخالفة لما رواه المصنف، والبخاري من وجهين: أحدهما: أن في رواية مسلم أن الجارحة هي أخت الربيع، وفي رواية البخاري أنها الربيع بنفسها، والثاني: أن في رواية مسلم أن الحالف لا تكسر ثنيتها هي أم الربيع بفتح الراء، وفي رواية البخاري أنه أنس بن النضر، قال العلماء: المعروف في الروايات رواية البخاري، وقد ذكرها من طرقه الصحيحة، ولهذا اقتصر عليها المصنف، والذهاب إلى أنهما قضيتان بعيد، ولكنه يجوز، والربيع الجارحة في رواية البخاري وأخت الجارحة في رواية مسلم بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء، وأما أم الربيع الحالفة في رواية مسلم، فبفتح الراء وكسر الباء وتخفيف الياء.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: كتاب الله القصاص أي حكم كتاب الله وجوب القصاص في السن، وهو قوله تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} وأما قوله: "والله لا يقتص منها" فليس معناه رد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل معناه الرغبة إلى مستحق القصاص أن يعفوا، وإلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة إليهم في العفو، وإنما حلف ثقة بفضل الله تعالى ولطفه أنه لا يحنثه بل يلهمهم العفو.


(١) أخرجه البخاري (٤٦١١)، واللفظ له، ومسلم (١٦٧٥).