ذهب مالك والشافعي وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يقتل المسلم بالذمي، وتأول قوله - صلى الله عليه وسلم - لا يقتل مؤمن بكافر أي بكافر حربي بدليل أنه عطف عليه، ولا ذو عهد في عهده، وذو العهد يقتل بذي العهد، إنما لا يقتل بالحربي، قالوا: وتقدير الكلام: لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده بكافر. قلنا حديث صحيفة علي المتقدم فيها: لا يقتل مؤمن بكافر، من غير ذكر العهد فهو عام في جميع الكفار ألا يقتل بهم مسلم.
قوله:"ولا ذو عهد في عهده" يعني أن ذا العهد لا يجوز قتله إبتداء، ما دام في العهد، وفي ذكر المعاهد أنه لا يقتل إبتداء فائدة: وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أسقط القود عن المسلم بقتل الكافر أوجب توهين حرمة دماء المشركين، فنص على المنع من ذلك دفعًا للشبهة، وقطعًا لتأويل المتأول.
٢٦٢٥ - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من أصيب بدم أو خَبْل، والخبل: الجرح، فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه، بين أن يقتصّ وبين أن يعفو، أو يأخذ العقل، فإن أخذ من ذلك شيئًا، ثم عدا بعد ذلك، فله النار خالدًا فيها مخلدًا أبدًا".
قلت: رواه أبو داود في الديات وابن ماجه فيه من حديث أبي شريح الخزاعي واللفظ لابن ماجه، وفي سندهما محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام فيه، وفي سنده أيضًا سفيان بن أبي العوجاء وهو ضعيف. (١)
والخبل: بالخاء المعجمة المفتوحة وسكون الباء الوحدة: فساد الأعضاء يقال: خبل الحبّ قلبَه إذا أفسده، يخبله ويخبُله بالضم والكسر خَبلًا أي من أصيب بقتل نفس أو قطع عضو فهو بالخيار.
٢٦٢٦ - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل في عِمِّيَّة، في رمي يكون بينهم بالحجارة، أو
(١) أخرجه أبو داود (٤٤٩٦)، وابن ماجه (٢٦٢٣) وإسناده فيه سفيان بن أبي العوجاء ترجم له الحافظ في التقريب (٢٤٦٣)، وقال: ضعيف.