المد، حكى أبو زيد فيه: القصر أيضًا، فأما إذا كرروه فقالو: النجاء النجاء ففيه المد والقصر. ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: فأدلجوا: فانطلقوا على مهلهم، وأدلجوا: بإسكان الدال ومعناه: ساروا من أول الليل، يقال: أدلجت بإسكان الدال أدلج إدلاجًا، كأكرمت أكرم إكرامًا والاسم الدَّلجة بفتح الدال، فإن خرجت من آخر الليل، قلت: ادَّلَجْتُ بتشديد الدال أَدَّلِجُ اِدّلاجًا بالتشديد أيضًا. والاسم الدُّلجة بضم الدال، قال ابن قتيبة وغيره: ومنهم من يجيز الوجهين في كل واحد منهما. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فانطلقوا على مَهَلهم": هكذا هو في نسخ المصابيح المسموعة بفتح الميم والهاء، وكذا هو في الجمع بين الصحيحين ووقع في جميع نسخ مسلم مُهلتهم بضم الميم وإسكان الهاء وبالتاء بعد اللام، وهما صحيحان. فاجتاحهم: أي استأصلهم.
١١٠ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلي كمثَل رجلٍ استوقد نارًا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراشُ وهذه الدواب التي تقع في النار، يقعن فيها، وجَعل بحجُزُهُن وَيغْلِبنَه فيقتَحمنَ فيها، قال: فذلك مَثلي وَمثلكم، أنا آخذ بُحجَزِكم عن النار، هلُمّ عن النار، هلُمّ عن النار هلم عن النار فتغلبوني فتقحَّمُون فيها".
قلت: رواه الشيخان (١) وهذا لفظ مسلم في الفضائل، ولم يقل البخاري: هلم عن النار هلم عن النار، ورواه الترمذي في الأمثال، ورواية مسلم أتم، كلهم من حديث أبي هريرة يرفعه.
واستوقد: بمعنى أوقد، قال تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا (١٧)} بمعنى أوقد قوله: "فلما أضاءت ما حولها" الإضاءة: فرط الإنارة من الضوء، وأضاء جاء متعديًا ولازمًا، فعلى الأول فاعله ضمير يعود على النار، وما بصلته مفعول به، وعلى الثاني "ما حولها" فاعل وإنما أُنِّث الفعل لأن ما حول النار أشياء وأماكن وحولها: نصب على الظرف، ويقعن فيها خبر جعل، لأنه من أفعال المقاربة ويحجزهن: أي يمنعهن من
(١) أخرجه البخاري في الرقاق (٦٤٨٣)، وفي الأنبياء (٣٤٢٦)، ومسلم (٢٢٨٤)، والترمذي (٢٨٧٤).