للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال النوويّ بعد نقله عن المازري ما ذكرناه (١): وقال غير المازري إضافة الرؤيا المحبوبة إلى الله إضافة تشريف بخلاف المكروهة وإن كانتا جميعًا من خلق الله تعالى وتدبيره وبإرادته ولا فعل للشيطان فيها، لكنه يحضر المكروهة ويرتضيها، ويسر بها، وسيأتي في الحديث بعده كيفية ما يفعل إذا رأى ما يكرهه.

قوله - صلى الله عليه وسلم - في الرؤيا المحبوبة الحسنة: "لا يخبر بها إلا من يحب"، لأنه إذا أخبر بها من لا يحب دعاه ذلك إلى تفسيرها بمكروه فقد يقع على تلك الصفة وإلا فيحصل له في الحال حزن ونكد، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في المكروهة: "لا يحدث بها أحدًا" لأنه ربما فسرها تفسيرًا مكروهًا على ظاهرها وكان ذلك محتملًا، فوقعت كذلك بتقدير الله تعالى (٢).

٣٦٩٥ - قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثًا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثًا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".

قلت: رواه مسلم والنسائيُّ وابن ماجه ثلاثتهم في الرؤيا، وأبو داود في الأدب كلهم من حديث جابر ولم يخرج البخاري عن جابر في هذا شيئًا. (٣)

وفي رواية: "فلينفث عن يساره ثلاثًا" وفي رواية: "فليتفل"، قال النوويّ (٤): وأكثر الروايات فلينفث، قال: ولعل المراد بالجميع: النفث وهو نفخ لطيف بلا ريق، ويكون التفل والبصق محمولان عليه مجازًا.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنها لا تضره" أي أن الله تعالى جعل هذا سببًا لسلامته من مكروه يترتب عليها، كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببًا لدفع البلاء، قال: فينبغي أن يجمع بين هذه الروايات ويعمل بها كلها، فإذا رأى ما يكرهه، نفث عن يساره ثلاثًا قائلًا: "أعوذ بالله من الشيطان ومن شرها" وليتحول إلى جنبه الآخر وليصل ركعتين،


(١) انظر هذا الكلام في: المنهاج للنووي (١٥/ ٢٤ - ٢٥).
(٢) انظر: المنهاج للنووي (١٥/ ٢٨).
(٣) أخرجه مسلم (٢٢٦٢)، والنسائيُّ في الكبرى (٧٦٥٣)، وابن ماجه (٣٩٠٨)، وأبو داود (٥٠٢٢).
(٤) انظر: المنهاج للنووي (١٥/ ٢٦ - ٢٧).